تنزيل تحميل كتاب إبراهيم حمروش ثائر تحت العمامة pdf مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةكان من شأن النهضة الفكرية التي شهدتها مصر في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري أن امتدت إلى الجامع الأزهر، تحاول أن تعيده إلى ما كان عليه من قبل حصنا للدين ومعقلا للعربية، ورائدا يهتدي الناس به، وكان الأزهر قد تعرّض لسياسة جائرة من قبل “محمد علي” حيث أعرض عنه، ونزع سائر الأملاك التي كانت موقوفة عليه، فساءت أحوال الأزهر، وانصرف عنه كثير من الطلاب. ولولا أن الأزهر ثابت الأركان، عريق في القِدَم، زاخر بعلمائه فلربما عصفت به الإجراءات التي اتخذها معه “محمد علي”، ولكن الأزهر محروس بعناية الله، مكفول برعايته، فسرعان ما ظهرت دعوات جادة لإصلاح الأزهر، وإدخال بعض العلوم الحديثة في مناهجه، وتعددت القوانين التي تحاول علاج القصور في مناهج تعليمه ونظم الدراسة به. وكان من أظهر هذه القوانين ما صدر في عام (1349هـ = 1930م) في عهد الشيخ “محمد الأحمدي الظواهري” شيخ الجامع الأزهر، حيث تضمن القانون إنشاء ثلاث كليات لأول مرة في تاريخ الأزهر، هي: كلية أصول الدين، وكلية الشريعة، وكلية اللغة العربية، ومدة الدراسة بها أربع سنوات، وشاءت الأقدار أن يكون الشيخ “إبراهيم حمروش” هو أول من يتولى منصب عمادة كلية اللغة العربية في تاريخ الجامع العريق.
ليس هذا فقط بل كان الشيخ إبراهيم حمروش أحد علماء وأئمة الأزهر الأجلاء، كان من أكثر من أعاد للأزهر هيبته ومكانته بعد زمن من التدهور والضعف منذ تولي محمد علي حكم مصر إلى تدخل الاحتلال الإنجليزي لتهميش مكانته، فكانت قراراته قوية مستقلة نابعة من حبه لدينه ووطنه لا يخشى فيها إلا الله، فكان من الطبيعي أن يعزله المحتل عن منصبه..
وكان الشيخ الإمام إبراهيم حمروش -رحمه الله- على جلالة قدره، حلو المجلس، عذب الحديث، بعيدًا عن التزمُّت والجمود، يمزج أحاديثه بالفكاهة اللطيفة والسمر الطيب، وكان حاضر البديهة، قويَّ الحجة، يُزيِّن آراءه بالشعر العذب والمثل البليغ، والحكمة المأثورة، ولهذا كثر الوافدون على مجالسه يستمتعون بكرم ضيافته وغزير معلوماته، وعذب أحاديثه، مع التمسُّك التامِّ بشعائر الإسلام والبُعد عن اللغو وحدة الجدل والإسفاف؛ وكان يحفظ ثروة واسعة من الأدب العربي، ويبدو هذا واضحًا في حديثه العادي؛ فهو لا يكاد يُحدِّثك في أمرٍ من الأمور إلَّا ويُرَدِّد بيتًا من الشعر أو حكمةٍ يستشهد بها في حديثه.
ولد إبراهيم بن إبراهيم حمروش بقرية الخوالد مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة في 20 ربيع الأول عام 1297 هـ – 1 مارس 1880 م وتوفى في عام1380 هـ- 1960 م عن عمر يناهز 80 عامًا وصلي عليه بالأزهر، وأجريت له المراسم الرسمية، ليكون بذلك الشيخ التاسع والثلاثون للجامع الأزهر على المذهب الحنفي وعلى عقيدة أهل السنة.
نشأ في قريته الخوالد وتربَّى فيها، وحفظ القرآن بكتاب القرية وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب بها تمهيدًا للالتحاق بالأزهر، ودرس علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف،، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، والفقه على المذهب الحنفي على يد الشيخ “أحمد أبي خطوة”، ودرس النحو على الشيخ “علي الصالحي كبار مشايخ عصره ودرس على يد الإمام محمد عبده كتاب “أسرار البلاغة”، و”دلائل الإعجاز”، وتأثر به وخاصة في دعوته لإصلاح التعليم بالأزهر، ثم ألتحق بامتحان العالمية، في عام 1324هـ – 1906م، بعد أن أمضى في الدراسة بالأزهر 12عام وفق قانون الأزهر ورغم صعوبة الامتحان الا أنه أستطاع أن يجتازه بعد امتحان أستغرق 3ساعات في 14 عِلْمً أمام لجنة تتألف من كبار علماء الأزهر على رأسهم الإمام “عبد الرحمن الشربيني” شيخ الجامع الأزهر الذي كان على رأس الممتحنين باللجنة، وكان الامتحان يتم بشفاهة ويستغرق ساعات طويلة، ليصبح معلمًا بالجامع الأزهر وإلى جانب تدريسه للمواد الشرعية قام بتدريس الرياضيات، وفاز بعدة مكافآت مالية كان يرصدها “رياض باشا” رئيس الوزراء في ذلك الوقت لمن يفوز بامتحانات الرياضيات وعندما افتتحت مدرسة القضاء الشرعي في مصر اختير الشيخ حمروش في 29 شعبان 1326هـ- 26 سبتمبر 1908م للعمل بها، واختص بتدريس الفقه وأصوله، وظل يعمل بالتدريس بها حتى عام 1335هـ- 1916م ثم اختير للعمل قاضيا بالمحاكم الشرعية، وأتصل خلال تلك الفترة بالشيخ “المراغي” الذي اختياره للعمل معه عقب تعينه شيخا للأزهر ثم عُيِّن شيخا لمعهد “أسيوط” الديني عام 1347هـ -1928م، ثم شيخا لمعهد “الزقازيق” في عام 1348هـ- 1929م، ثم عُيِّن عميدا لكلية اللغة العربية في عام 1350هـ – 1931م فقام بالعديد من الإصلاحات بها وأختار أكفأ الأساتذة لها، ووضع نظاما لا يقبل طالبا بها إلا بعد الاختبار والتحقق من استعداده، ثم عين في عام 1364هـ – 1944م عميدا لكلية الشريعة ثم تولى رئاسة لجنة الفتوى في الأزهر عام 1351هـ – 1932م إلى جانب احتفاظه بعمادة كلية اللغة العربية وحصل على عضوية جماعة كبار العلماء في 28 من صفر 1353هـ- 10 من يونيو 1934م ثم عضوا في مجمع اللغة العربية منذ إنشائه، وكان من الرعيل الأول الذين أرسوا قواعد المجمع اللغوي.
وكان الشيخ الإمام إبراهيم حمروش متفتَّح الذهن متعدِّد المواهب، وأتاحت له الظروف أساتذةً أجلَّاء انتفع بمعارفهم كما انتفع بشمائلهم وأخلاقهم؛ فقد درس الفقه الحنفي على الشيخ (أحمد أبي خطوة) واختصَّ به، وكان موضع ثنائه وإعجابه، وأخذ عن العالم الجليل الشيخ (محمد بخيت)، ودرس النحو على الشيخ (علي الصالحي المالكي)، ولزم الأستاذ الإمام الشيخ (محمد عبده)، فأخذ عنه “أسرار البلاغة” و”دلائل الإعجاز” لعبد القاهر الجرجاني في علوم البلاغة، كما أخذ عنه “النصيريَّة” في علم المنطق لابن سهلان الساوي، وقد تأثَّر بالإمام تأثُّرًا كبيرًا في رحابة صدره، وسموُّ خُلقه، وشجاعته في التمسُّك بالحق، ودعوته الكبرى لإصلاح الأزهر، وفي مناهج النهضة الاجتماعية والسياسية لتقدُّم الشعوب الإسلامية.
تحميل كتاب إبراهيم حمروش ثائر تحت العمامة pdf رابط مباشر PDF