تنزيل تحميل كتاب إشكاليات التوظيف السياسي والمالي لكرة القدم PDF أستاذ الفلسفة بجامعة أسيوط مصري الجمسيةتصاعدت في السنوات الأخيرة ظاهرة التوظيف السياسي والمالي للرياضة وكرة القدم خاصة ومدى تأثيرها على القرارات السياسية العربية والدولية و الأمثلة والوقائع التي تداخلت فيها السياسة مع الرياضة كثيرة حتى بات على المتابع الرياضي أن يكون محللا سياسيا ليتمكن من فهم ومتابعة ما يجري في الملاعب وما تقرره اللجان التحكيمية.. فضائح رياضية كبرى غزت الميدان الرياضي دوليا وعربيا وكانت لها نتائجها الوخيمة وأضرارها على العلاقات بين الدول والشعوب فيما بينها وآخرها ونتحدث “محليا” الفضيحة الكروية التي حدثت في مباراة الترجي الرياضي التونسي والوداد البيضاوي المغربي في نطاق إياب الدّور النهائي لرابطة الأبطال الإفريقية وتداعياتها على العلاقات بين الشعبين وجماهير الفريقين.
والسؤال الآن: ما هي العلاقة بين السياسة الدولية والمباريات الرياضية؟ هل يعكس الفوز بالمراكز الأولى بدورة الألعاب الأولمبية، أو الفوز بكأس العالم في كرة القدم موقع الدولة الفائزة على المسرح السياسي، وهل يعزز من سياستها ويدعم السلطة القائمة فيها؟ ولماذا تعتبر خسارة فريق دولة ما، انتكاسة وطنية، والفوز إنجازاً وطنياً؟ ولماذا يحرص كبار المسؤولين في الدولة وحتى الملوك والرؤساء على حضور المباريات التي تشترك فيها فرق بلدانهم؟,, وهل إن الرياضي الفائز أو الفريق الفائز يعني أن شعبه بإثنيته أو بعقيدته أو بتوجّهه السياسي، هو الفائز؟ وبالتالي هل أصبحت الملاعب الرياضية مسرحاً من مسارح الصراع الدولي؟
في الواقع، هكذا كان الأمر طوال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق، كما يقول الأستاذ محمد السماك، فالتنافس الرياضي بين فرق الدولتين تحوّل إلى تنافس بين الشيوعية والرأسمالية. وهكذا حدث أيضاً عندما أقيمت دورة الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936 قبل الحرب العالمية الثانية. فالانتصار الرياضي الألماني تحوّل إلى انتصار للرايخ الثالث، وبالتالي انتصار لعقيدة النازية ولرمزها أدولف هتلر. كان الفوز الألماني فوزاً للعنصر الآري وللنظرية التي كانت تقول بتفوّقه على العناصر الأخرى من بني البشر.
علاوة علي أن الحماس الوطني الذي أثاره فوز ألمانيا في عام 1954 أطلق مسيرتها نحو ما يُعرف بالمعجزة الاقتصادية، التي ما كانت لتتحقق لو لم يوظف ذلك الحماس الوطني من أجل إقناع الرأي العام الألماني بضرورة تحمّل أعباء إقامة نظام اقتصادي جديد يقوم فوق ركام الاقتصاد الوطني الذي دمّرته الحرب؛ وعندما فازت ثانية في عام 1974، شكّل هذا الفوز قوة دفع لبرنامج تحديث وتطوير ألمانيا، حتى تبوأت موقع الصدارة في الاقتصاد الأوروبي بعد أن خسرت في الحرب بنيتها التحتية الاقتصادية والإنشائية تحت ضربات القصف الجوي العنيف الذي تعرّضت له. وترافق فوزها في عام 1990 مع استعادة الوحدة بين شطريها الشرقي والغربي بعد طول انقسام وتباعد بفعل المعادلات التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية. غير أنه خلال الدورة الحالية لبطولة كأس العالم فإن سلسلة المباريات التي جرت في نورمبرغ مثلاً أعادت إلى الأذهان محاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية. لقد تابع وقائع المباريات عن كثب حوالى المليار إنسان سدس البشرية بصورة بدت وكأنها طوت معها صفحات مؤلمة من تاريخ هذه المدينة الألمانية. فالحلفاء الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية لم يختاروا نورمبرغ عن عبث. كان اختيارهم لها رداً متعمداً على ما قام به هتلر في تلك المدينة بالذات عندما جعل من تمثال ضحايا الحرب العالمية الأولى الذي كان قد أقيم فيها تخليداً لذكرى 9855 عسكرياً من أبنائها قتلوا في تلك الحرب، قاعدة لإطلاق حركته الثأرية التي فجرت الحرب العالمية الثانية وما رافقها من مجازر جماعية يندى لها جبين الإنسانية خجلاً. ففي هذه المدينة نورمبرغ أعلن هتلر أن وحدة الشعب الألماني تقف في وجه العالم. أما المباراة النهائية في هذه الدورة من بطولة كأس العالم فستجري في الملعب الرياضي الكبير في برلين وهو الملعب نفسه الذي أقامت فيه ألمانيا بزعامة هتلر دورة الألعاب الأولمبية والتي لا تزال أصداء الخطاب الافتتاحي للزعيم النازي ماثلة في الذاكرة الإنسانية حتى اليوم. فهل تمحوها صيحات واحتفالات المحتفلين بهذه المباراة؟
ومن جهة أخرى رأينا أنه في عام 1969، جرت وقائع مباراة فاصلة في تصفيات كأس العالم لكرة القدم التي أُقيمت نهائياتها لاحقاً في المكسيك بعد ذلك التاريخ بعام واحد بين منتخبي البلدين الجارين في أمريكا الوسطى هندوراس والسلفادور كمت بذكر الأستاذ ياسر عبدالعزيز، وبصرف النظر عن نتيجة تلك المباراة واسم الفريق المتأهل بين الخصمين المتباريين، فقد دخلت هذه المباراة التاريخ من أوسع أبوابه؛ إذ كانت هي الشرارة التي تسبّبت في إشعال حرب شاملة بين البلدين، أدت إلى وقوع خسائر مادية ضخمة وضحايا من الجرحى والقتلى بالآلاف، وقد سُمىت تلك المعركة لاحقاً باسم «حرب كرة القدم»، ورغم أن أسباباً جيوسياسية كثيرة كانت تكمن وراء توتر العلاقات الثنائية بين البلدين، فإن المنازلة الكروية بينهما هي التي فجّرت شرارة الحرب وقادت إلى وقوع الكثير من المآسى.
تحميل كتاب إشكاليات التوظيف السياسي والمالي لكرة القدم PDF رابط مباشر PDF