تنزيل تحميل كتاب التيار الفلسفي في حوزة قم المقدسة PDF طالب علمإن من الأمور الشائعة في العقود الأخيرة أن حوزة قم المقدسة مؤيدةٌ للفلسفةِ والعرفان الصوفي مع أن الواقع هو خلافُ ذلك ؛ لأن فلسفة اليونان ورؤى الصوفية لم يكن لها رواجٌ في حوزة قم المقدسة ، وإنما بدأت بالانتشار منذ قدوم السيد الطباطبائي وتدريسه فيها .
وقد كان لانتصار الثورة في إيران دورٌ كبيرٌ في مد التيار الفلسفي وتوطيده ، مما يعني أن هذا التوجه هو توجهٌ وتيارٌ دخيلٌ على الحوزة المباركة ، وليس توجهاً سائداً فيها كما توهم الكثيرون .
وقد أخذ هذا التيار بالنمو شيئاً فشيئاً وتوسعت بقعتهُ في التشيع حتى حسبه من لا خبرة له بهذه الأمور هو الأصيل ونده الدخيل الذي لا يفقه من الدين إلا ظاهره ! وتجاوزت الحدود إلى ما هو أبعد ولم تقف عند هذا حتى راحوا يقدسون أعلام الصوفية ، وعكفوا على مطالعة ودراسة مختلقاتهم تحت مسمى العرفان وطائلة التوحيد ، وليس كل منادٍ بالتوحيد مصيباً له ، ودونك الوهابية حيث يهتفون بالتوحيد وهم أبعد ما يكونون عنه .
وإذا ما تبصرنا الأمر سنجد أن هذا التيار قد جاء وهو يحمل في طياته عدة إفرازات خطيرة من أرزئها :
أولاً : توهين الحديث في قِبال المتبنيات الفلسفية ، بل إقصاء الحديث فيما لو تعارض معها إما بإسقاطه ، أو تأويله وتوجيهه يما يتناسب إزاء جهتها ومؤداها كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى في ثنايا المواضيع.
ثانياً : شرح النصوص الدينية شرحاً فلسفياً وزعم عدم إمكان شرح ثلة منها إلا ضمن إطار المفاهيم الفلسفية ، مع أن شرحها شرحاً فلسفياً هو جمعٌ بين الأمور المتباينة وتحميل النصوص ما لا تحتمل . وهذه الخطوة بدأها الكندي ــ الذي أراد أن يكتب كتاباً في تناقض القرآن الكريم ــ يقول السيد الأمين متحدثاً عن الكندي : فهم الوحي الإسلامي فهماً فلسفياً … ويخرجُ من نظره الفلسفي بوجهة نظر عامة تقوم على فهم الدين بالعقل الفلسفي.
وخيرُ ما يُقال فيمن رام شرح النصوص الدينية شرحاً فلسفياً ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : (وآخر قد تسمى عالما وليس به . فاقتبس جهائل من جهال ، وأضاليل من ضلال . ونصب للناس شركا من حبائل غرور وقول زور . قد حمل الكتاب على آرائه . وعطف الحق على أهوائه).
ثالثاً : تقديس أعلام الصوفية مثل ابن عربي وأقرانه ، وجعل مؤلفاتهم وأفكارهم تنتشر عند أتباع أهل البيت عليهم السلام مما يعني بث البدع وسفاسف الأمور في الوسط الشيعي وكفى به من شر لا يعلم مبتداه من منتهاه.
رابعاً : الاستخفاف بالعلماء وعدهم من علماء الظاهر ونحوها من الأوصاف التي توحي إلى ازدرائهم ، وإن كان رُد عليهم بما يستحقون من الأوصاف التي توقفهم على حقيقة مسلكهم كالخائضين بموهومات لا صلة لها بالعقل والعزوف عن نور الثقلين بما لا يرجى خيره ولا يُؤمن شره إلى غير ذلك .
خامساً : توهم أن التيار الفلسفي لا يمكن الاستغناء عنه ، وعده تياراً أصيلاً يمثل عمق التوحيد وأصله ــ ومن أسباب هذا التوهم أن جيلاً من الناشئة وعى وهو يرى مسميات كبيرة في الواقع الشيعي منحازةً له ــ مع أنه تيارٌ دخيلٌ لم يكن بوسعه تقديم رؤية عن الدين .
وبيان دخالة هذا التيار على الإسلام والفكر الشيعي من أهم الأمور التي أصبو إليها في مختصر أرجو أن يكون تنبيهاً وإيقاظاً لمن التبس عليهم الأمر ولم يميزوا بين الأصيل والدخيل .
ومن الجدير بالتنبيه إليه أن عناوين الكتاب مترابطة فيما بينها ولذا في كثير من الأحيان أشير إلى عنوان ما له صلة بالموضوع عند الكلام في عنوان آخر ، ولربما أشير إلى عنوانين في عنوان واحد حتى يكون الأخوة المؤمنون على إلمام بالموضوع وفي نفس الوقت تنحل الاستفهامات المتبادرة إليهم عند القراءة ويندفع النقض الحاصل والإشكالات فيما لو تصور لها محلاً.
ومن الضروري جدا قبل تكوين نظرة عن الكتاب الاطلاع على عنوانين في آخره :الأول:(أصحاب التيار الفلسفي لم يتعمدوا السوء) والآخر:(كلمة مهمة في الختام) حتى تكون نظرةً متكاملةً غير قاصرةٍ عن الإلمام بالمبتغى والمراد.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب..
هشام كاظم
النجف الأشرف 1443هـ
تحميل كتاب التيار الفلسفي في حوزة قم المقدسة PDF رابط مباشر PDF