تنزيل تحميل كتاب سورة الفجر وصور الطغيان وعاقبته PDF الاجازة العليا في العلوم الشرعية جامعة القرويين كلية الشريعة المغرب
الماجستير في الفكر الاسلامي المعاصر كلية الشريعة لبنان
عضو رابطة علماء المغرب
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
رئيس جمعية الهداية لتحفيظ القرآن وتجويده وتدريس العلوم الشرعية المغربتناقش سورة الفجر قضية من أهم القضايا الإنسانية، وهي:
” الحياة الجديدة، و انكشاف الحقائق”، وعلى رأس هذه الحقائق، أن الله مطلع على عباده، (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) ، وهي جواب القسم، فهو سبحانه بالمرصاد لكل أصناف الطغيان:
1 الطغيان الجسدي: المتمثل في عاد.
2 الطغيان العمراني: المتمثل في ثمود
3 الطغيان السلطوي المتمثل في فرعون.
4 الطغيان النفسي المتمثل في الإنسان المجرد من منهج الله.
فبسورة الفجر، ينبلج فجر الحقائق، وتنكشف عند التأمل، وفي كل كلمة فيها بيان، ومصباح نور يكشف حقيقة كونية أو شرعية أو سنة إلهية.
فمهما طال غياب الحقائق، وانخدع الناس بالمظاهر الزائفة المغرية والخلابة، لا بد لها أن تكشف وتظهر، إما في الدنيا وإما في الآخرة.
وسورة الفجر تأذن بميلاد جديد، لحياة جديدة، بحركة جديدة، كما تشير كلمة الفجر عنوانًا على هذه السورة، إشارة إلى موضوعها، و الذي هو في نهاية المطاف، يوم القيامة،
* قال تعالى: ( إن إلينا إيابهم، ثم إن علينا حسابهم)،
* وقال سبحانه: ( إن إلى ربك الرجعى)، إيحاءات قرآنية لطيفة، كأن اسم الفجر الذي هو عنوان على هذه السورة، يوحي الله من خلاله إلى العباد، أن الذي يعيد الحياة للفجر بعد الليل إذا يسر، فيمضي الليل ويأتي الفجر، إيذانًا بيوم جديد من حياة جديدة، فيه عمل جديد، في شؤون جديدة، فيه رزق جديد، فيه أحوال غير الأمس، وقدر على إحداث تلك الآية مرة بعد مرة، أمام أعينكم، لقادر على أن يعيد الحياة كلها من جديد، يوم يبعث العباد.
فإذا كان الله تعالى قد خلق حياة محدودة وزائلة في هذه الدنيا، وجعلها مبتدأ، فقد أعد حياة دائمة أبدية في الآخرة وجعلها خبرا، والجملة لا تتم إلا بالمبتدأ والخبر، وكذلك الحياة لا تتم إلا بوجود بعث ودار آخرة، فلماذا تستعظمون الحياة الأخرى بعد الحياة الأولى، وقد رأيتم يومًا بعد يوم، وفجرًا بعد ليل، وحركة بعد سكون، حياة جديدة تكون بعد الليل الذي يسري ويذهب، وتتمثل في بعثة الإنسان المتكررة عند استيقاظه من النوم كل فجر بعد الموتة الصغرى.
والحياة الجديدة تكون بعد فترة الظُّلم؛ والظَّلَمة الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك لبالمرصاد، والحياة الجديدة الدائمة التي تكون بعد الموت، ويكون العبد فيها قد أفلح وفاز في الابتلاء الدنيوي، سواء كان ممن بسط رزقه، أو ممن قدره عليه ، فأدخله الله تعالى في سرب عباده الصالحين، لأنه أ كرم اليتيم، وحض على طعام المسكين، ولم يكن عبدا للدينار ولا للدرهم ولا للقطيفة، ولم تكن الدنيا أكبر همه ولا مبلغ علمه، ولا منتهى غايته، بل أنفق ماله وابتغى به وجه ربه الأعلى، وبهذا كان ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه.
إن أسباب الكرامة، إنما هي في طاعة الله عز وجل والإحسان إلى خلقه، فمن أخذ بأسباب الكرامة في الدنيا، أُورث كرامة أخرى يوم القيامة، ومن أخذ بأسباب المهانة في الدنيا، عذبه الله عذابا شديدا في الدنيا، وله في الآخرة عذاب النار، عذابا يظن معه ألا أحد أشد منه عذابا، يوم تتكشف الأمور على حقيقتها، فتظهر الحقائق، يوم تصبح هذه الأرض هباء منثورا، ويقف الإنسان في موقف مهيب، ينظر إلى ما قدمت يداه، نادما على ما كان منه من تفريط، حيث لا ينفع الندم، وحينها تظهر حقيقة الكرامة
والمهانة، فأما المهان على الحقيقة، ففي عذاب لا يذوق أحد مثله، وأما المكرم على الحقيقة ففي طمأنينة وسكينة مع عباد الله في جنته. ومناسبة اسم سورة الفجر، للمقصد الذي هو الحياة الجديدة وانكشاف الحقائق، أن الاسم في غاية المناسبة للمقصد، إذ أن الفجر وهو وقت طلوع الصبح، وانتشار الضوء، هو وقت حياة الإنسان واستيقاظه من النوم، وظهور الأشياء والأمور على حقيقتها، بعد أن كانت ملفوفة في ظلام دامس، أسبغه عليها ليل طال، ثم لم يلبث أن سرى، وكذلك حال الأشياء في الدنيا، لا تظهر على حقيقتها أول وهلة، بل تبقى دهرا على ما هي عليه، تغر كل ناظر ينظر إليها، فيمهل الله الظالم حتى يظن مَن حَوله أنه تمكّن، ويعطي أشخاصا ويمنع آخرين، فيظن أكثرهم ارتباط الكرامة بالعطاء، حتى إذا جاء أمر ربك بالعذاب في الدنيا، أو قامت القيامة، تكَشّفت الحقائق وظهرت، فموازين الله مختلفة عن موازين الخلق.
تحميل كتاب سورة الفجر وصور الطغيان وعاقبته PDF رابط مباشر PDF