تنزيل تحميل كتاب مالك بن نبي أسطورة جزائرية في فلسفة الحضارة pdf مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةالأفكار الجيدة العظيمة دوما شبيهة بالمعدن النفيس، لا يزيدها مرور الزمن إلا نفاسة في قيمتها، ولا تؤثر فيها السنون ولا النسيان ولا التجاهل، فهي مثل قاع البحر كلما غاص الإنسان في أعماقه تكشفت له ثرواته وتبدت له عجائبه، ويأتي المفكر الجزائري “مالك بن نبي” (1905-1973م) ضمن قائمة رواد الإصلاح في العالم الإسلامي، وممن جاءوا بأفكار عميقة في النهوض الحضاري، وأبدع مشروعا فكريا متكاملا للتغلب على مشكلات الحضارة من خلال رؤية تنطلق من الإسلام، وتستلهم روح العصر والعلم، فاندرجت مؤلفاته التي زادت عن العشرين كتابا كعناوين فرعية لشعاره الكبير “مشكلات الحضارة”.
وبسبب هذا الشعاع عُدُّ المفكر الجزائري الكبير مالك بن نبي، واحدًا من أهم رموز الفكر الإسلامي، ولِمَ لا وهو صاحب أطروحات تفرّدت من نوعها، وقت طرحها، ببحث جذور النهضة، وسُبُل وصول العالم الإسلامي إليها، وكيفية تجاوز نكبته التي بات يعيشها وتفصله عن الحضارة الغربية التي تبعد عنها جغرافيًا عدة كيلومترات، لكنها واقعيًا تسبقه بآلاف السنوات الضوئية.
وعلى الرغم الإسهام الكبير الذي قدّمه الرجل في سعيه لانتشال أمّته العربية من الهوة العميقة التي سقطت فيها، فإن هذه الجهود لم تُقابل أبدًا بالعرفان، وظلّت أطروحاته حبيسة الأدراج طوال فترات طرحها وحتى الآن، وهي أحد أشكال العلاقة المتأزمة التي عكست حجم عدم الود المتبادل الذي جمع بين ابن نبي ومواطنيه.
ولقد أثار انشغال مالك بن نبي الدائم ببحث أسباب التأخر الحضاري والفكري لأهله مُقارنة بجيرانه الأوروبيين في نفسه كثيرًا من الأسى والسخط على أبناء مِلته، بعد ما كانت كفتهم تخسر كل مُقارنة منطقية يضعهم فيها ابن نبي مع سكان الشمال، وهو الأمر الذي أكسب كثيرًا من كتاباته نزعة نقدية عنيفة جلدت العرب والمسلمين كلما حانت له الفرصة، وكان الرد على ذلك محاولات تسخيف وتسفيه لأعمال المفكر البارز، تحوّلت لاحقًا إلى تجاهل وتهميش لم تنتهِ حتى اليوم.
ولهذا يُمكن اعتباره امتدَادًا لابن خلدون، ويعد من أكثر المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة؛ حيث كانت جهود مالك بن نبي في بناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة، سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو من حيث المناهج التي اعتمدها في ذلك.
وكان مالك بن نبي أول باحث يُحاول أن يُحدّد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجًا مُحدّدا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ”.
ولعل روعة الرجل تكمن في أنه سار في درب من الفكر لم يطرقه إلا القليل، وهو ميدان الفكر الحضاري، الذي سبقه فيه العلامة الكبير “ابن خلدون”، إذ كان بينهما عدد من الأفكار المشتركة، وتركز الجهد الفكري لكليهما على القضايا الأساسية التي تشغل الإنسان خاصة المسلم دون الاقتصار على قطر أو إقليم بعينه، لذلك جاءت أفكار مالك عابرة للحدود، وقافزة فوق حواجز الزمن، وفي إطار كلي بعيدا عن التجزئة والتفتيت.
وإذا كان النفيس غريبا حيثما كان كما يقول داهية الشعر المتنبي، فإن فيلسوف القرن العشرين مالك بن نبي الذي أشرق قلبه بنور القرآن وارتوى من نبع الحكمة، كان أعتى من الرياح، فحمل بيارق حلمه في إنقاذ أمته التي تغرق في لجج الأوهام مستهينة بقيمتها الحضارية، ورضيت أن تكون مع الخوالف، فأراد بذلك بعث حضارة الإسلام من جديد بتمزيق حجب الغفلة والجهل واليأس، فكان يدعو إلى إعمال العقل والمنطق ومواجهة الواقع بلا أقنعة، ولن يتأتى ذلك حسب رأيه الحصيف إلا بالتخلص من الذهنيات المحنطة التي تتحكم بنواصي شعوب الأمة والتي كانت السبب الأول في تقهقر وتعثر خطى أمة كانت ذات مجد تليد، فكان يعتقد أن كل فراغ إيديولوجي لا تشغله أفكارنا ينتظر أفكارا منافية معادية لنا وهو ما تجسد فعلا ومازال يتجسد على أرض واقعنا المزري، ولم يغفل هذا المفكر العملاق إلى أن يلفت نظرنا وعقولنا إلى الحقيقة المرة التي تتعلق بالاستعمار البغيض أو “الاستدمار” كما كان يفضل تسميته الذي دمر أوطاننا ونهب خيراتها ورحل عسكريا بعد أن تركنا دولا متهالكة، ولا يزال بين ظهرانينا يضرب هويتنا وثقافتنا ويصيبها في مقتل، فكان يطالب بتصفية الاستعمار من العقول أولا ليؤكد بالقول: “إن الاستعمار ليس من عبث السياسيين ولا من أفعالهم بل هو من النفس ذاتها التي تقبل ذل الاستعمار والتي تمكن له”.
تحميل كتاب مالك بن نبي أسطورة جزائرية في فلسفة الحضارة pdf رابط مباشر PDF