تنزيل تحميل كتاب محمد عبد الله دراز فيلسوف الإلزام الأخلاقي pdf مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةيعد العلامة محمد عبد الله دراز (1312 – 1377هـ = 1894-1958م) بحقٍّ – الحبر البحر، الفهَّامة القرآني، والعالم النوراني، والمعلم الربَّاني، وشيخ العلماء المصرين ، ورجل الفكر والدعوة والتربية، ومن الذين جمعوا بين علوم الشريعة، وثقافة العصر، وأجاد الفرنسية إجادته لعلوم العربية، فهو ابن الأزهر، وابن السوربون، فإن شئت نسبته إلى جامع (الأزهر)، فهو ابنه البار، وتكوينه الأزهري قوي متين، وإن شئت نسبته إلى جامعة (السوربون)، فهو من خريجيها الذين تعتزُّ بهم، وتفخر بانتمائهم إليها، وهو أحد رجال الفلسفة والأخلاق المعدودين في عالمنا العربي والإسلامي، ولكن دراسته في السوربون لم تُخرجه عن أزهريَّته العريقة، حتى إنه من القليلين الذين بقوا على زيِّهم الأزهري- الجُبَّة والعمامة- بعد عودتهم من بعثتهم إلى الخارج.
كما كان يتميَّز “محمد دراز” بالموسوعية وبالمنهجية، وبالتحقيق والتعميق والتدقيق، وبحسن تناول المسائل الصعبة والعويصة بطريقة تجعلها سهلة سلسة، وباستخدام البيان الأدبي في أسلوبه الذي يجمع بين إقناع العقول، وإمتاع العواطف، ويضمُّ إلى رصانة الأصالة رونق المعاصرة.
قال عنه الشيخ القرضاوي :” عرَفتُ الشيخ وأنا طالب بكلية أصول الدين، حين قرأنا بعض فصوله وكتبه المتميزة العميقة، مثل (النبأ العظيم) و(الربا) وغيرهما، وزرناه- أنا وبعض إخواني- طالبين معونته لكتيبة الأزهر التي نعدُّها لتذهب إلى القناة؛ لمقاومة الاحتلال البريطاني، فشجَّعنا وشدَّ أزرنا، ولم يبخل علينا بمادة ولا نصيحة؛ وفي تخصُّص التدريس، كان يدرِّس لنا علم الأخلاق، فكان آية في شرحه، وآية في عمقه، وآية في أسلوبه، وحسن بيانه، وكنا ننتظر محاضرته في لهف وشوق، كشوق الظمآن إلى الماء العذب البارد؛ لا لنتعلَّم منه العلم فقط، ولكن لنتعلَّم أيضًا طريقة التعليم.
وقد ولد محمد عبد الله دِرَاز بقرية محلة دياي إحدى قرى دلتا مصر بمحافظة كفر الشيخ حاليا في الثامن من نوفمبر 1894م لأسرة علمية عريقة؛ فوالده الشيخ عبد الله دراز الفقيه اللغوي المعروف الذي قدم شروحا لكتاب الموافقات للشاطبي، والذي عهد إليه الإمام محمد عبده بمهمة الإشراف على المعهد الأزهري الجديد بالإسكندرية اطمئنانا إلى علمه وكفاءته.
وقد درس محمد دراز بالأزهر وحصل على الشهادة العالمية عام 1916 وعيّن مدرسا عام 1928 ثم أستاذا للتفسير بكلية أصول الدين، في عام 1936 سافر إلى الحج وفي العام ذاته حصل على منحة دراسية للدراسة بجامعة السوربون الفرنسية فأقام في فرنسا اثنتي عشرة سنة مضت كلها جدا وانكبابا على استيعاب الثقافة الغربية من منابعها الأصلية، وتأملا مقارِنا لتلك الحصيلة بمبادئ علم الأخلاق في القرآن الكريم. وهناك درس على يد كبار المستشرقين مثل: ليفي بروفنسال، لويس ماسينيون، لوسن، حتى نال درجة الدكتوراه في فلسفة الأديان بمرتبة الشرف الأولى عام 1947. وقد تألفت رسالته من دراستين: الأولى مدخل إلى القرآن الكريم وهي دراسة تمهيدية موجزة حول تاريخ القرآن، والثانية دستور الأخلاق في القرآن الكريم وتقع في حوالي ثمانمائة صفحة، قدم خلالها رؤية متكاملة للنظرية الأخلاقية القرآنية في شقيها النظري والعملي. وإنجاز الرسالة الأساسي أنها استخلصت -للمرة الأولى- الشريعة الأخلاقية من القرآن في مجموعها، وقدمت مبادئها وقواعدها في صورة بناء نظري متماسك مستقل عن كل ما يربطه بالمجالات القريبة منه، وهو ما أحدث انتقالا بها من دائرة التعاليم الوعظية التي تستهدف تقويم السلوكيات إلى الدائرة المعرفية.
ولم تنل الدراسة في السوربون والاحتكاك بالمستشرقين من أزهرية الرجل العتيقة واعتزازه بثقافته وتراثه؛ فقد كان مؤمنا بأن مهمة الباحث المسلم تتجاوز إحياء التراث ووصل ما انقطع منه إلى تحديثه والإضافة إليه، ولذلك شرع قبيل وفاته في كتابة مؤلفه الميزان بين السنة والبدعة وأراد به أن يُحدث كتاب الإمام الشاطبي (الاعتصام) إلا أن أجله المحتوم لم يمهله أن ينجز مهمته الجليلة.
وقد خلف دراز تراثا فكريا راقيا لم يتجاوز أربعة عشر مؤلفا تراوحت بين الكتب والبحوث، وأهم كتبه: النبأ العظيم، الدين: بحوث ممهدة لتاريخ الأديان. أما بحوثه فأبرزها: الربا في نظر القانون الإسلامي، مبادئ القانون الدولي العام في الإسلام، حول المؤتمرات العالمية للأديان. وعلى ندرتها فقد شكلت إضافات معرفية سدت فراغا في حقول الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام وتاريخ الأديان؛ وهناك بحوث ومقالات أخرى تؤكِّد هذا الاتجاه الكلامي والفلسفي في شخصية الشيخ العلميَّة، حتى نجد ذلك بوضوح في شرحه لبعض الأحاديث النبوية، وفي تفسيره لبعض الآيات القرآنية.
وكان الشيخ أيضًا أحد العلماء الراسخين في التفسير وعلوم القرآن، وقد ترك لنا من دلائل ذلك: كتابه الرائع (النبأ العظيم)، وهو كتاب متفرِّد، ويحتوى نظرات جديدة ومتميِّزة في الإعجاز البياني أو الأدبي للقرآن، لم ينسجه على منوال أحد قبله في مضمونه وأسلوبه.
تحميل كتاب محمد عبد الله دراز فيلسوف الإلزام الأخلاقي pdf رابط مباشر PDF