تنزيل تحميل كتاب منصور فهمي نصير المرأة المفتري عليه PDF مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةشهد المجتمع العربي والمصري بشكل خاص نهضة فكرية حاولت أن تزيح الراسخ من أفكار العصور الوسطى، كان ذلك في مطلع القرن الفائت، وكان هناك العديد من الأصوات، ربما أشهرها في العشرينيات طه حسين وكتاب «في الشعر الجاهلي»، وعلي عبد الرازق وكتابه “الإسلام وأصول الحكم”، وكل منهما دفع ثمن الخروج على الموروث الديني وتبعاته الاجتماعية والسياسية في الأساس، إلا أن هناك أصواتاً ما كادت أن تضيف انتقاداتها للسائد إلا واختفت، بل ارتدت منزوية، والتزمت بأفكار ورؤى قديمة، وقضت ما بقي لها من حياة تُكفّر عما اعتقدته في النهاية ذنباً قد لا يُغتفر؛ من هؤلاء يأتي منصور فهمي 1886 ــ 1959 صاحب كتاب “أحوال المرأة في الإسلام”، الذي بسببه عاش العزلة الفكرية وآثر السلامة حتى نهاية حياته.
والدكتور منصور فهمي من أبرز مفكري النصف الأول من القرن العشرين في مصر ومن الرعيل الأول للبعثات التي ذهبت إلى باريس لتلقى تعليمها ما بعد الجامعي، وهو أيضا أستاذ الفلسفة، والأديب، والمناضل الذي أسهم بقسط كبير في الحركات الإصلاحية في أوائل القرن الماضي، وهو عَلَمٌ من أعلام المثقفين الذين ظهروا في أوائل القرن العشرين.
وقد قدم عنه الدكتور إبراهيم مدكور في حفل تأبينه دراسة عميقة مسهبة، فيها تحليل لشخصية فيلسوف أديب، جمعت بينهما ثقافة “السوربون” وعضوية المجمع وزمالة جامعية، مع بقاء الاستقلال الشخصي المميز لكل منهما؛ ومن هذه الدراسة أرى من حق التاريخ أن أقتبس بعضها: “عرفت الفقيد الكريم منذ ربع قرن أو يزيد. عرفته أستاذًا وعميدًا، وزميلاً مجمعيًّا، وعرفته محاضرًا وخطيبًا، كاتبًا وباحثًا، محدثًا ومناقشًا. عرفته فعرفت فيه حماسًا بالغًا لما ارتضته نفسه واطمأن إليه هواه. ولم يُضعِف هذا الحماسَ في شيء تقدمُ السن ولا مرور الأيام، حتى لقد كان يقف في شيخوخته مواقف تعز على بعض الشباب، عرفته فعرفت فيه التصويب إلى الهدف والحرص على الغاية.. عرفته فعرفت فيه السبَّاق إلى القول، والراغب في مخاطبة الجماهير، لا يتردد في أن يرفع الصوت جهرة إن حانت الفرصة أو دعا إلى ذلك داعٍ.. أما بحوثه فأهمها رسالته للدكتوراه، وفيها منهج قويم، ودرس واستيعاب، ووقوف على أهم المصادر الإسلامية، وإن خرج الحماس ببعض أحكامها عن دائرة الموضوعية العلمية، إلا أنا نعتقد أن هناك بحوثًا إسلامية أخرى أعمق نقدًا، ولم تصادف ما صادفت هذه الرسالة من لوم واعتراض… وهنا نصل إلى نقطة حاسمة في نشاط منصور فهمي المجمعي. لا شك في أنه كان مجمعيًّا بقلمه ولسانه، بقلبه وبفكره، ولكنه من ذلك الفريق الذي يؤثر التريث والأناة على البت والقطع، وإذا كان لكل هيئة جناحان: أيمن للارتكاز والتوقف، وأيسر للعدو والحركة، فإنه كان من دعائم الجناح الأيمن للمجمع اللغوي… هذا هو منصور فهمي فقيد الجامعة والمجمع، فقيد العلم والأدب، فقيد المنبر والقلم، عاش لغيره أكثر مما عاش لنفسه، وساهم في تكوين جيل من الفلاسفة والأدباء، وارتبط ببعض المنشآت التي أضحى جزءًا منها وكانت شغله الشاغل، وهو في كل هذا أقرب إلى الجد منه إلى المرح، وإلى الهدوء والرزانة منه إلى الاندفاع والحركة، برغم ما يبدو عليه من حماس ظاهر، وصوت جهوري؛ وكأنما كان يخشى التجديد السريع الذي لا يقوى على حملات القديم واعتراضاته، والإصلاح الجريء الذي لا يتمشى مع العرف والعادة، أو لا يرتضيه ذو الجاه والسلطان؛ وقد يكون لصدمة رسالته للدكتوراه شأن في ذلك”. (مع الخالدين ص 90 – 95).
ولد منصور فهمي بالمنصورة في إحدى قرى محافظة الدقهلية عام ١٨٨٦م، وقد استهلَّ منصور سبيله العلمي بالالتحاق بِكُتَّابِ القرية، ثم ما لبث أن أتَمَّ دراسته الابتدائية في مدينة المنصورة، ثم انتقل إلى القاهرة؛ لكي يلتحق بإحدى المدارس الثانوية الفرنسية التي نال منها الشهادة الثانوية عام ١٩٠٦م، وعَقِبَ حصوله على الشهادة الثانوية التحق منصور بمدرسة الحقوق؛ ولكنه لم يمكُثْ بها طويلًا؛ فقد أعلنت الجامعة المصرية عن بَعْثَةٍ لدراسة الفلسفة في جامعة باريس.
فتقدَّم لهذا الإعلان، واجتاز الامتحان المقرر للسفر إلى هذه البعثة مما أتاح له السفر للدراسة في جامعة باريس عام ١٩٠٨م، وقد مكث بها منصور فهمي خمس سنوات دَرَسَ فيها الفلسفة وبعض العلوم الأخرى: كالجغرافيا الطبيعية، والفسيولوجيا، وعلم الأَجِنَّةِ، وتتلمذ على يد فلاسفة أفذاذ من أبرزهم “ليفي بريل” وهو أحد أقطاب المدرسة الاجتماعية الفرنسية في أوائل القرن العشرين.
وله إلى جانب هذا نشاط اجتماعي وثقافي وصحافي، فكان عضوًا عاملاً بجمعية الهلال الأحمر، وجمعية الشبان المسلمين، والاتحاد العربي، ورابطة الإصلاح الاجتماعي، والحزب الديمقراطي.. ونشر بجريدة الأهرام عدة مقالات ومساجلات.. ولم ينشر شيئًا من محاضراته الفلسفية في الجامعة ومدرسة المعلمين العليا، وقد اتجهت في أغلبها نحو الأخلاق والدراسات الاجتماعية.. ألف كتاب (خطرات نفس) ضمنه طائفة من المقالات التي نشرها بين سنة 1915م و1930م. وأهم بحوثه رسالة الدكتوراه.. وعين عضوًا بمجمع اللغة العربية في أول مرسوم صدر بتعيين الأعضاء العشرين المؤسسين. وكان هو أحد العشرة المصريين من هؤلاء العشرين، وذلك في 6 من أكتوبر سنة 1933م. وانتخب كاتب سر المجمع في أول اجتماع لمجلسه سنة 1934م، وبقي في هذا المركز حتى لقي ربه.. وكان عضوًا مراسلاً للمجمع العلمي العربي بدمشق، وللمجمع الإيراني، وللمجمع العلمي العراقي.. وحضر كثيرًا من المؤتمرات التي عقدتها المجامع.
وثمة نقطة مهمة نود الإشارة إليها هنا بتوسع وهو أن منصور فهمي قد قدّم أطروحته للدكتوراه إلى جامعة السوربون في ديسمبر/كانون الأول 1913، تحت عنوان “حال المرأة في التقليد والتطور الإسلامي”، التي صدرت بعدها في كتاب بالفرنسية بعنوان “أحوال المرأة في الإسلام” ــ لم يُترجم حتى عام 1997، وصدر ضمن منشورات دار الجمل. ترجمة رفيدة مقدادي ــ إلا أنه وقبل مناقشته الرسالة بأيام ورد إلى الجامعة المصرية تقرير يقول إنها رسالة معادية للإسلام، كما إنها تحت إشراف أستاذ يهودي ـ المقصود ليفي برول ـ عندئذ طلبت إدارة الجامعة منه تأجيل المناقشة، إلا أنه لم يستجب، ونوقشت الرسالة في موعدها المحدد، بعدها عاد إلى مصر، لتكون في استقباله حملة شنتها صحف السلطة والأزهريون والسياسيون الرجعيون ضده، وكانت الاتهامات الموجهة إليه أنه ملحد وعدو للدين ومفسد للشباب وذيل للمؤامرة اليهودية على الإسلام. وفي النهاية وجد نفسه مفصولاً من الجامعة المصرية.
تحميل كتاب منصور فهمي نصير المرأة المفتري عليه PDF رابط مباشر PDF