تنزيل حتمية هزيمة الحقارة.. الماسونية الرأسمالية الشيوعية الوثنية.. رؤية استراتيجية شهادة دكتور في الطب البشري (M.D) كلية الطب البشري، جامعة دمشق، 1985م.
طبيب أخصائي في امراض الأذن والأنف والحنجرة والرأس والعنق وجراحتها،1989م.
ليسانس ودبلوم وماجستير في الدراسات العربية والإسلامية، 2008م
– 2009م -2011م.
شهادة البورد السوري باختصاص أمراض الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها،1440هـ- 2019م.
طبيب أخصائي استشاري وباحث علمي ومحاضر ومؤلف وناشر لعشرات الكتب ومئات المقالات والمحاضرات والدراسات والحوارات والندوات والمؤتمرات العلمية والطبية العامة والتخصصية.. في مختلف المواضيع المتنوعة.
إن الحياة في خطر حقيقي واقعي في ظل سيطرة الحضارة الغربية المتقدمة صناعياً والمريضة إنسانياً، وحسب آراء وأبحاث المؤرخين، كان القرن العشرون أكثر القرون وحشية ودموية وإرهابية في التاريخ، بفعل الحضارة الغربية المريضة، فالضحايا بعشرات الملايين والحروب الغربية (العالمية) والإقليمية والمحلية بالمئات، بالإضافة إلى مشاكل تلوث البيئة، وانقراض أكثر من مائة ألف نوع من الكائنات الحية، فضلاً عن استهلاك ثلث موارد الطبيعة خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، ولعل أهم الأخطار الواقعية والرئيسية للحياة بمختلف أنواعها على كوكبنا هي:
وجود مخزون نووي ضخم وهائل بيد الأقوياء بغير حكمة ولا رحمة ولا ضمير حي، وهذه القوة النووية الكامنة بيد الرجل الأبيض المريض قادرة على أن تفجر الأرض بما فيها بأكثر من خمسين مرة، واستخدم السلاح النووي في الحرب الغربية الثانية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان، وخلال دقائق دمرت المدن والقرى والأحياء، وتوفي أكثر من مائتين ألف مدني، وما تزال آثار التشوهات في البشر والأنواع الحية تظهر حتى الآن بفعل هذا الإرهاب النووي الغربي.
وهدد حديثاً الرئيس الأمريكي السابق بوش علناً، باستخدام السلاح النووي الأمريكي، في حروبه ضد البشر، وهذا يؤكد عمق تهافت وسقوط العقل الغربي الرسمي على المستوى الإنساني.
وبالإضافة إلى الاستخدام المقصود للسلاح النووي، هناك الحوادث الطارئة على المفاعلات النووية، كما حدث في المفاعل النووي السوفياتي تشرنوبيل عندما انفجر في نيسان 1986، مما أدى إلى تلوث شعاعي لكل قارة أوربا ومعظم دول العالم، بالإضافة إلى خطر الكوارث الطبيعية كالزلازل والتسونامي عليها، كما تضرر المفاعل النووي الياباني فوكوشيما حديثاً بأمواج التسونامي مما ادى إلى تلوث نووي لكافة عناصر البيئة البحرية والبرية والاجتماعية المحيطة به.
أما التجارب النووية التي ما تزال مستمرة حتى الآن، فتشكل مصدر قوي لتهديد الحياة، فالاتحاد السوفياتي سابقاً أقام منذ حوالي 50 عاماً في طازاجستان أكبر ساحة للتجارب النووية، فجّر فيها حوالي (600) قنبلة ذرية ونووية جواً وتحت الأرض، وكان من بينها قنبلة ساخاروف الهيدروجينية، ونتيجة لذلك قتل مليون إنسان من أبناء تلك المنطقة، ومازالت الكائنات الحية فيها على اختلاف أنواعها تولد مشوهة ومصابة بأمراض خطيرة ومتنوعة .
الفجوة الاقتصادية والاجتماعية التي تزداد عمقاً وسوءاً بين الأغنياء المرضى إنسانياً والفقراء المرضى غذائياً، لدرجة إن 358 شخصاً في العالم الصناعي يملكون ما يعادل مجموع ما يملكون 2.5 مليار شخص في العالم حسب تقرير التنمية لعام 1996 الصادر بين الأمم المتحدة.
ونتيجة ديمومة آليات النهب والسلب لخيرات العالم في البلدان النامية من قبل دول الحضارة الغربية، بوسائل استخرابية وإرهابية شتى، كالعدوان العسكري أو الحرب الاقتصادية أو أثارة الفتن والحروب، وتشجيع بيع الأسلحة الغربية والروسية والأمريكية والإسرائيلية الصنع للأطراف المتحاربة، أو دعم الاستبداد والاستعباد والفساد المحلي، أو الضغط السياسي على الدول لتطبيق شروط صندوق النقد الدولي، وأدى ذلك إلى أن أصبح حوالي 3 مليار جائع ومشرد وعطشان من أصل 6 مليار نسمة عدد سكان العالم عام 1999.
ومن الأمثلة على الوحشية الغربية ما يحدث في ظل العولمة الأمريكية الأوروبية، والتي هي وسيلة لإبادة الشعوب الفقيرة، لاسيما في قارة أفريقيا التي سرق ونهب خيراتها وثرواتها الغرب على مدى خمسة قرون، حتى وصل إلى عصر المعلوماتية، حيث قتلت الدول الصناعية الكبرى حوالي 250 ألف شخص في روندا الأفريقية خلال أسبوعين، بسبب مجازر قبلية بتحريض مباشر وغير مباشر من الدول الصناعية الغربية، ولم يتحرك ضمير في العالم، ولم يهتم أحد، ومن ثم هرب من مناطق المواجهة نصف مليون رواندي، وعلى أثر الهروب صرحت الأمم المتحدة محذرة من كارثة بشرية لا تتحملها الإنسانية إذا لم يجدوا الضائعين الهاربين، والغريب في الأمر أنه قبل أيام من هذا التصريح، أعلنت وسائل الإعلام الغربية عن وجود أقمار اصطناعية، ربما تستطيع أن تقرأ أرقام السيارات في أحد العواصم العربية، فهل من المعقول أن تلك الأجهزة لا تستطيع أن تحدد مواقع الفقراء اللاجئين إلى البراري؟
ولكن بعد فترة وجدت هياكل عظمية بكميات هائلة، وتبين أن عددهم تجاوز 800 ألف، ولم تهتز الإنسانية، والأهم أن معظم الشعوب لم تسمع بهذه الكارثة حتى اليوم، والأغرب ما في الأمر كيف استطاعت الدول الغربية الإرهابية المجرمة أن تقتل هذا العدد الكبير من الفقراء؟
ومن السخرية والحماقة عندما أعلنت الوسائل الإعلامية الغربية بأنها كشفت المجرم وهو رجل واحد مسؤول عن هذه المجزرة، وبدؤا يحاكمونه أمام الفضائيات كأبشع أسلوب مسرحي ساذج عرفه التاريخ، فالغرب اتخذ قراره بإبادة هؤلاء الفقراء، لأنهم لا يستطيعون شراء منتجات الدول الغربية الصناعية، فهم زيادة عدد حسب المفهوم الغربي الإرهابي، فهؤلاء الفقراء أصبحوا بهذه الحالة الرديئة نتيجة النهب الغربي المستمر لمواردهم وموادهم الأولية، وهو يتركهم يتقاتلون ويمدهم بالأسلحة الفتاكة ويفتعل مشاكل خارجية وداخلية باستمرار، وبالتالي أصبحوا فقراء، والفقر يؤدي إلى الجهل، والجهل يسبب كل أنواع التخلف والأزمات في المجتمع.
وكما تقول الكاتبة الفرنسية سوزان جورج في كتابها كيف يموت النصف الآخر من المعمورة من الجوع: “إن من أولى أهداف الغرب تخفيض عدد السكان في بلدان العالم الثالث بشتى الوسائل: الحروب الداخلية والخارجية، التجويع، التهجير، التعقيم الخ إنهم سيتغلبون علينا يوماً ما بكثرة عددهم كما يقولون”، وتصديق لهذه الاستراتيجية الغربية العدوانية المتوحشة قال لويس الرابع عشر في فرنسا: “أعطفوا على الفقراء بالقضاء عليهم”، ولأجل هذا قالت غولد مائيير: “كلما ولد فلسطيني أشعر بالغثيان”، ومن مظاهر الافلاس العقلي والتهافت الحضاري الغربي ظهور الشذوذ الفكري والفلسفي الذي يبرر الإجرام والإرهاب والإبادات الجماعية للبشر، كجماعة الأوغاد في فرنسا واليمين المسيحي المتصهين في أمريكا.
فهناك مجلة في فرنسا تسمى مجلة الوغد، والكتاب الأوغاد ليسوا أقلية مهمشة في المجتمع وإنما جماعات كثيفة غير منظمة، وإن نجم أدب الأوغاد هو ميشيل هولبيك الذي أثار ضجة كبرى حينما أصدر روايته الشريرة المنصة، الطافحة بالحقد والحسد والكراهية، التي يعلن فيها بكل وقاحة: “نعم أتلذذ حينما أرى الأبرياء الفلسطينيين يقتلون بقسوة وفجور، وأتمنى لو ننجح في إبادتهم جميعاً. أليس هذا ما يدعونا إليه ساستنا الأبرياء الفخورون بحضارتهم وديمقراطيتهم، ألن يصبح العالم أجمل وأنظف لو اختفى هؤلاء البائسون بشدائدهم وتوابيتهم وعويلهم ونحيب نسائهم، وبقايا منازلهم المهدمة، ومزارعهم المحروقة؟”.
لا يشعر الكتاب الأوغاد في فرنسا بالحرج ولا الخجل، حينما يجاهرون بأنهم يتلذذون بالنذالة مادامت السمة الغالبة لهذا العصر، ويفلسفون موقفهم هذا زاعمين أن السلوك الأمثل للتخلص من الغثاثة والرخص هو ممارسة الأذى، والتنكيل بدعاة النظافة الأخلاقية.
وإن المحافظين الجدد الأمريكيون يفتخرون بأنهم مجانين أقوياء يفعلون العكس تماماً، إنهم يفاخرون بالاحتكام إلى القبضة الفولاذية عوضاً عن الدبلوماسية الناعمة، لأن طبيعة الحياة تتضمن المكابرة والعنف،كما يقول هارفادناي، عميد معهد كندي للإدارة في كتابه القوة الناعمة، ويذهب أبعد من هذا الفجور، فيزعم أن الولايات المتحدة لم تتماسك، وتحقق وحدتها الوطنية، إلا بعد أن تخلت عن ارتداء القفازات المخملية، واحتكمت إلى عضلاتها صفعاً ولكماً.
إن الدبلوماسية المتحضرة سقوط وانهيار، ودليل عجز واستكانة، ولا يخرج فيلسوف اليمين الأمريكي كوري فيتوغوت عن هذا المنطق، فيكتب دون أن يرف له جفن: “أنا أقول بفخر: إن العالم يكرهنا، ولكن هذه الكراهية تشحذ هممنا، وتدفعنا إلى أن نكون أقوياء واثقين بأنفسنا، لقد اتهمنا، سارتر ذات يوم، إبان امتداد الحملة المكارثية، إننا مجانين، وإننا فقدنا اتزاننا، يحق له أن يضحك في قبره الآن، إذ مازلنا نفاخر بجنوننا.. ويفاجئنا فيتوغوت بهذه المعادلة الساخرة: “نحن قادرون على أمركة العالم، دون عولمة أمريكا”، قد تزداد صدمتنا حينما نقرأ لـ تيموثي مالكي: “يقولون إن الولايات المتحدة قد فقدت سمعتها الحسنة، لكن هل نحن بحاجة إلى هذه السمعة، نحن في القمة والآخرون يزحفون في السفوح، وعلينا أن نتحمل مسؤوليتنا بشجاعة”.
وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ  البقرة- 205
بينما المنظومة الفكرية الإسلامية تشجع على الزواج وتكوين الأسرة كأساس قيام المجتمع السعيد، وتقوم على الزواج المشروع بالاتصال الكريم بين المرأة والرجل المبني على رضاهما إيجاباً وقبولاً للمحافظة على النوع الإنساني والأنساب، ولسلامة المجتمع من الانحلال الخلقي والأمراض، وليعيش المجتمع في سكن روحاني ونفسي، فالأسرة مؤسسة تعاونية، تبدأ من الأفراد ويعود خيرها على الجميع والعالم، وهنا لابد من التأكيد إن كثرة الإنجاب مرتبطة بجودة النوعية التي تتحكم بها ظروف المعيشة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
إن الاستقرار والأمان وطمأنينة الناس في معاشهم، من أكثر عوامل التنمية السكانية، وهي في الواقع مشتبكة ومترابطة، والأرض تغذي اليوم أضعافاً مضاعفة من الناس أكثر من ذي قبل، وذلك ناشئ عن تقدم الفكر الإنساني ووعيه لكيفية الاستفادة من هذه الخيرات الطبيعية، ومن المعلوم أن التطور ليس معناه التقدم دائماً وأن التقدم يحتاج إلى تخطيط ومتابعة يتناسبان مع طبيعة المكان والسكان، وذلك من خلال ما يلي:
– العمل على جودة الولادات بالمتابعة الصحية والغذائية.
– التقليل من أوقات الفراغ، بمضاعفة الجهد والعمل المنتج الحر.
– الحد من الاستهلاك بنوعيه الكمي والكيفي، وأن يكون ذلك بحسب الحاجة.
– استبدال الادخار السلبي بالإيجابي مما يعود بالنماء على المجتمع بأكمله.
– تشجيع الزواج المتكافئ سبب الولادة الشرعية ومصنع بناء الشخصية المنتجة.
وأخيراً يقدم مؤلفو كتاب المائة سنة القادمة خلاصة الأفكار التي انتهوا إليها بعد عدة اجتماعات عقدوها مع كبار الموظفين التنفيذيين التابعين لثلاثين مؤسسة من المؤسسات الصناعية الأمريكية بقصد استكشاف مستقبل الموارد الطبيعية للأرض وقد جاء فيها: (إذا استقصينا الحقيقة والواقع فيما يختص بإنتاج الطعام في العالم، فسنجد أن العالم يمدنا بكميات هائلة من الطعام قد تزيد على 150 طناً لكل فرد في السنة، في حين أنه لا يحتاج الفرد إلا إلى 3٪ من الطن فقط، ومن هنا حق القول بأنه لولا الخسائر التي تحدث في المجال الزراعي وسوء استعمال الطعام لكانت لدينا كميات وفيرة من الطعام) ، وهم يرجعون سوء الاستعمال إلى سوء توزيع المنتج الزراعي بين الإنسان وبقية الكائنات الحية، وسوء استعمال ما يستفاد ومالا يستفاد منه من أجزاء النبات، كما يرجعه إلى سوء الإنتاج وسوء التوزيع بين سكان الأرض في المناطق المختلفة، وهذا يضعنا أمام تساؤل عن الحقيقة المخفية في الدعوة إلى تحديد النسل وكونها خطة عنصرية غربية مقصودة ضد سكان العالم النامي.
وهنا لابد من التأكيد على أن تنظيم الاقتصاد أهم بكثير من تنظيم السكان، فينبغي إخضاع الاقتصاد لقضايا السكان، لاسيما في بلاد تملك ثروات باطنية ومائية ولديها اليد العاملة ، وبالتالي يكون الحل في الدراسات الاستراتيجية العلمية، لإيجاد وسائل علمية وعملية وتقنية عامة لتلبية الحاجات البشرية المتنوعة على المستوى الأرضي أولاً ثم الانتقال الاستراتيجي الإيجابي لسد حاجة البشرية من مواد الطاقة في المستقبل، بحصولها من كواكب أخرى، بالإضافة إلى طاقة الشمس، وكذلك محاولة نشر الحياة البشرية خارج المهد (الأرض الأم) من أجل عمران الكون بالحياة، بدءاً من المجموعة الشمسية، حيث سيتم هندسة القمر والمريخ والكويكبات السيارة القريبة من الأرض، ليلائم كل منها العيش عليه، والاستفادة من المياه والثروات الطبيعية ومصادر الطاقة المنتشرة بسخاء وغنى في الكون الفسيح.
وهذا العمران الكوني والاستيطان والانتشار البشري المستمر والمستقبلي خارج الكوكب الأرضي، هو واجب عقلي حضاري عند العلماء الحكماء، وفرضية شرعية عند العلماء المسلمين المختصين، نظراً لكون الحياة البشرية في الحاضر والمستقبل في خطر، وعلى المسلم أن يرفع مستواه الحضاري والثقافي والعلمي والتكنولوجي إلى مستوى أعلى من الموجود حالياً، كي يحمي ويصون الحياة بكافة أنواعها وألوانها على المسار الأرضي، ونشرها على المسار الكوني.
فهناك فريضة شرعية إسلامية كبرى أمام الباحثين والعلماء العرب والمسلمين من مختلف الاختصاصات العلمية والإنسانية، وهي السعي بجدية وفعالية، لإبداع الوسائل التقنية، والقيام بالتجارب المخبرية، وإنشاء المراكز البحثية العلمية، لمختلف فروع العلوم بهدف حماية الحياة والحفاظ على البيئة في الكوكب الأرضي، وتشجيع التعارف والحوار والسلام الحضاري بين الشعوب، فالقارات الأرضية كأوروبا وأسيا وأفريقيا، هي مسميات جغرافية لتسهيل دراستها، أما أسماء الجنسيات البشرية كالعربي والصيني والغربي، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد هو الإنسان، فالواجب شرعاً وعلماً، بالإضافة إلى حماية الحياة، المحافظة على الأخوة الإنسانية على المستوى الأرضي، فالبشر أخوة يجب أن يكونوا متحابين فيما بينهم.
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ  فصلت، 34.
فالناس هم أخوة، وعندما يختلفون ويتحاربون يكونون جهلاء، ويتم إزالة هذا الجهل بالعلم والحلم والحب والحوار الهادئ والتسامح المتبادل، وليس بالحقد والكراهية والعنف، وقد عبر الشيخ محي الدين بن عربي بقوة عن هذه الفكرة بقوله:
لقد كنت قبل اليوم أنكر صـــاحـبي إذا لم يكن ديني إلى دينه دانـي
أديـــــن بديـن الحــــــب أنـــــــى توجــــــــهـت ركائبه فالحـــــــب ديــــني وإيمـــــانـي
والواجب شرعاً وعلماً أيضاً، النهوض بمشروع نشر الحياة قاطبة على المستوى الكوني بعد عمرانه وهندسته بما يناسب حياة الإنسان وبقية الأنواع الحية:
– فكما أن الصلاة فريضة شرعية، فإن صنع الوسيلة التقنية كالمركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية والطائرات هي فريضة شرعية إسلامية أيضاً.
– وكما أن بناء المساجد واجب شرعي، فإن بناء مراكز الأبحاث العلمية والفضائية والكونية، ونشر المراصد والمسابر الفلكية على مستوى الكوكب الأرضي والمجموعة الشمسية، واجب شرعي أيضاً.
– وكما إن الصوم فريضة شرعية، فإن العدل البشري والمساواة الإنسانية، وقبول الآخر والحوار الحضاري واجب شرعي أيضاً.
– وكما أن الزكاة فريضة شرعية وإسلامية، فإن معالجة ومنع الفقر والبطالة ومعالجة مشاكل الجوع وسوء التغذية على مستوى الكوكب الأرضي فريضة شرعية وإسلامية، فلماذا الأولى موجودة والثانية مفقودة؟!
– وكما أن التعليم فريضة شرعية على كل مسلم ومسلمة، وليس منا إلا عالم أو متعلم، فلماذا قد تصل نسبة الأمية الأبجدية في بعض البلدان العربية إلى50%؟!
– إن العبادات فريضة إسلامية لا شك بذلك، ولكنها جزء من الإسلام، ولعل أهم أسباب تخلف العرب والمسلمين يعود إلى تقسيم الإسلام إلى شؤون دينية ودنيوية، فالإسلام وحدة متكاملة لا تتجزأ، ومن واجب المربين والباحثين والعلماء دفع وتشجيع العرب والمسلمين إلى الاهتمام بالمعرفة والتقنية والإحاطة بالعلم وإنتاج المعلومات في كل نواحي الحياة المختلفة، لأن العلم بحرصه على الحقيقة وباستخدامه لخير البشرية جمعاء، يصبح أخلاقاً سواء كان في علم الاقتصاد أو الاجتماع أو الزراعة أو الصناعة أو الطب أو الهندسة أو الفلك، والبحث العلمي لإنتاج المعرفة في مختلف العلوم البشرية وابتكار الوسائل التقنية النافعة للبلاد والعباد هو فريضة شرعية إسلامية أيضاً.
فالقرآن الكريم مؤلف من 6342 آية كريمة، منها خمس مائة فقط تبحث في الأحكام، وأقل من نصف هذه يبحث في شؤون التشريع والفقه، فلماذا حصرنا الإسلام كلياً في الجزء الأخير فقط، بينما يوجد أكثر من 4000 آية كريمة تدعو باستمرار إلى استعمال العقل والفكر والبحث العلمي في الأرض والكون والأنفس ليتم استنتاج واستنباط الحقائق العلمية والقوانين الطبيعية الكونية.
وعندها ندرك بأن إحياء الكوكب الأرضي ومعالجة مشاكل البشرية جمعاء والعمران
الكوني هو فريضة إسلامية كالصوم والصلاة، وذلك مصداقاً لقول رسول الله :
“خيار أمتي علماؤها، وخيار علمائها رحماؤها..”
وكذلك كما جاء في الحديث النبوي الشريف:
“إذا أبغض المسلمون علماؤهم، وأظهروا عمارة أسواقهم، وتألبوا على جمع الدنيا، ابتلاهم الله بأربع: الجور من السلطان، والخيانة من ولاة الحكام، والقحط من الزمان، والصولة من العدو”.
 إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ آل عمران.،190.
 قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرض يونس،101.
وهذه دعوة وأمر، أتى صريح وواضح إلى الاهتمام والبحث بعلوم الأرض والكون كلها.
– ضفيرة من الأسباب تجعل من العمران الأرضي والكوني والاستيطان الحياتي الفضائي، فريضة كبرى، أمام العرب والمسلمين أهمها:
 لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ البقرة – 143
إن القيام بوظيفة الشهادة يقتضي الحضور بفعالية وإيجابية، والشهود لأكبر كم ممكن من المشاكل والقضايا زماناً ومكاناً، حتى لا تبقى قضايا لم يشهدوها، وهذا يلزم عملية مسح ورصد وبحث وتحليل جميع المعلومات عن أحداث البشر عبر التاريخ والحاضر، والتنبؤ بما قد يحدث في المستقبل، وهذا لا يكون وظيفة فردية، وإنما وظيفة جماعية على مستوى الدولة والأمة، تقوم بها مؤسسات ومراكز أبحاث استراتيجية وطنية ودولية وكونية.
والتكليف بهذه الشهادة فيها ابتلاء وعمل مستمر واستنفار تام لكامل الطاقات في المجتمع والأمة، وهذه الشهادة لا تعني الحضور وجمع المعلومات حول الأحداث البشرية فقط، وإنما تعني المضمون الفعال لتحويل الظواهر البشرية والبيئية السلبية إلى إيجابية على المستوى الإنساني والبيئي، فعندما نجد الظلم فيجب إقامة العدل، وعندما ينتشر الفقر فيلزم مكافحة أسبابه، وعندما يكثر الجهل فينبغي نشر العلم، وهذا على مستوى العالم ككل، فكيف نكون خير أمة أخرجت للناس، إذا كانت الأمراض الحضارية والأوبئة الثقافية منتشرة فينا، كالجهل والأمية وسوء الإدارة والفقر والبطالة والظلم والفساد والاستبداد والقهر، والمعروف فينا ضعيفاً والمنكر فينا قوياً.
ولكي تقوم الأمة العربية والإسلامية بمهمة الشهادة على الإنسان والعلم أجمع، يجب أن ترفع من مستواه إلى مستوى الحضارة المعاصرة كحد أدنى، لأن منهج الشهادة على الناس يقضي العمل مع حضارات وثقافات وشعوب بشرية أخرى، فكيف يتحرك المجتمع المتخلف بين هذه الحضارات لينشر المعروف، وينهى عن المنكر، ويعالج الفقر، ويحمي العلم والسلام البشري، ويحافظ على البيئة الوطنية والعالمية ويمنع تلوثها، وهو لا يملك من هذه الأمور إلا الشيء اليسير؟ وإن فاقد الشيء لا يعطيه، والدور الحضاري للإنسان لا يأتي إلا بتحقيق شرط جوهري، وهو تغيير ما بنفسه، وتغيير ما في محيطه ومجتمعه نحو الأفضل مصداقاً للقانون القرآني الخالد في الآية الكريمة:
إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ  الرعد،11
ولا يمكنه أن يغير شيئاً في الخارج إن لم يغير شيئاً في نفسه، وحينما نقول هذه الكلمة نقولها باعتبارها علماً ولا نقولها فقط تبركاً بآية، نقولها علماً ونعلم مقدارها من الصحة العلمية، لا يستطيع مسلم أو غير مسلم، أن يغير ما حوله إن لم يغير ما بنفسه، فهذه حقيقة علمية يجب أن نتصورها كقانون إنساني وضعه الله  في القرآن كسنة من سنن الله تعالى التي تسير عليها حياة البشر ، وبالتالي فإن العربي والمسلم لم يستطيع إنقاذ نفسه، ولا إنقاذ الآخرين، إذا لم يغير إيجابياً ما في النفوس، ويجب عليه أن يضع نفسه ومجتمعه في حالة طوارئ واستنفار دائم لحل جميع مشاكله ليرفع من مستواه الحضاري ليعالج جميع الأزمات العالمية، وذلك بعد أن يعرف نفسه، ويطور مجتمعه، ويعرف الآخرين، ويعاملهم بالحوار الهادئ والتعارف والندّية الفكرية والعلمية.
 وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا  المائدة،32
لا يزال الإنسان الأرضي بمرحلة سفك الدماء والفساد في الأرض، فالذي يحدث على الكوكب الأزرق هو حرب عالمية ثالثة بكل معنى الكلمة، حيث يموت الملايين من البشر في حروب دولية مستمرة غربية المنشأ، ويعيش خمس العالم في الدول المتقدمة تكنولوجياًً، وهو يستهلك أكثر من أربعة أخماس خيرات العالم، وإن النمو المريض للعالم الغربي، يكلف العالم ضحايا وأموات من الناس ما يعادل موتى هيروشيما كل يومين بسبب سوء التغذية والمجاعات والبطالة والفقر.
وفي المنظومة الفكرية للفلسفة الإسلامية العمرانية الكونية التي تهدف إلى إحياء الكرامة الإنسانية، وتنمية النفس البشرية، وتحسين نوعية الحياة نحو الحب والسلام البشري والعمران الكوني، سوف نستخدم آيات كمؤشرات إلى اتجاهات فكرية جديدة، ومنطلقات لمبادئ متطورة، ومواضع لبحوث علمية إبداعية، لصنع المستقبل الإنساني الإيجابي على المسار الأرضي والكوني، والله سبحانه وتعالى العليم الحكيم الخبير العزيز القوي العدل السلام الرحيم الهادي.. الموفق.
 إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا الأحزاب،72.
 مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأرض لَمُسْرِفُونَ المائدة،32.
 وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا  الكهف،59.
 مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِفصلت،46.
 قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ  آل عمران،64.
 إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأرض وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ  القصص،4.
(ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون والماؤون لأنكم تعشرون النعنع والشبث والكمون.. وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان، كان ينبغي أن تعلموا هذه ولا تتركوا تلك، أيها القادة العميان الذين يصفون البعوضة ويبلعون الجمل)
(تعرفون الحق والحق يحرركم)
(أنا الحكمة أسكن الذكاء وأجد معرفة التدابير)
(أنا الفهم لي القدرة).
قول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
(لو كان الفقر رجلاً لقتلته).
قول الفاروق عمر بن الخطاب :
(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).
كتاب هام جدا وقيم جدا للجميع ولكل العالم جزاكم الله خيرا
حتمية هزيمة الحقارة.. الماسونية الرأسمالية الشيوعية الوثنية.. رؤية استراتيجية رابط مباشر PDF

رابط التحميل