تنزيل روميو وجولييت عربي إنجليزي وِلْيَمْ شكسبير (بالإنجليزية: William Shakespeare ) شاعر وكاتب مسرحي وممثل إنجليزي بارز في الأدب الإنجليزي خاصة والأدب العالمي عامة، سمي بــ”شاعر الوطنية” و”شاعر افون الملحمي” أعماله موجودة وتتكون من 39 مسرحية و158 قصيدة قصيرة (سونيته) واثنتين من القصص الشعرية (قصيدتين سرديتين طويلتين) وبعض القصائد الشعرية وقد ترجمت مسرحياته وأعماله إلى كل اللغات الحية وتم تأديتها أكثر بكثير من مؤلفات أي كاتب مسرحي آخر.
ولد شكسبير وترعرع في ستراتفورد أبون آفون، وارويكشاير. وتزوج من آن هاثاواي وعمره في الـ18، وأنجب منها ثلاثة أطفال: سوزانا وتوأم وهما جوديث وهامنت. وفي فترة ما بين 1585 و 1592، بدأ حياته المهنية الناجحة في لندن كممثل، وكاتب، وشريك في شركة عروض مسرحية تسمى رجال اللورد تشامبرلين، والتي عرفت فيما بعد باسم رجال الملك. وفى سن ال49 (حوالي 1613)، تقاعد في ستراتفورد، حيث توفي بعد ذلك بثلاث سنوات. وُجِدت سجلات قليلة ومحدودة عن حياة شكسبير الخاصة؛ مما أدى لظهور تكهنات كثيرة حول عدة أمور مثل مظهره الجسدي، حياته الجنسية، معتقداته الدينية، وما إذا كانت الأعمال المنسوبة إليه مكتوبة من قبل الآخرين أم لا. وكثيراً ما يتم انتقاد مثل هذه الآراء والتكهنات لأنها لم تشير إلى حقيقة أن عدداً قليلاً من السجلات عن حياته ظلت موجودة في تلك الفترة.
قام شكسبير بإنتاج معظم أعماله المعروفة في الفترة بين 1589 و1613. كانت مسرحياته الأولى تركز على الكوميديا والتاريخ، وكانت تعدّ من أفضل الأعمال التي تم إنتاجها من هذا النوع. ثم بعد ذلك، حتى حوالي 1608، اتّجه إلى كتابة التراجيدي، فقد كان من ضمن أعماله في تلك الفترة هاملت، عطيل، الملك لير، وماكبيث، وكلها تعدّ من أفضل الأعمال في الأدب الإنجليزي على الإطلاق. وفي المرحلة الأخيرة من حياته، اتجه إلى الكتابة في الكوميديا التراجيدية (المعروفة أيضًا باسم الرومانسيات) بالتعاون مع كتّاب مسرحيين آخرين.
نُشرت العديد من مسرحياته في طبعات وإصدارات مختلفة الجودة والدقة في فترة حياته. وفي عام 1623، نشر اثنان من زملائه الممثلين وهما جون همينجز وهنري كونديل، نصاً ًمحدداً معروفاً باسم First Folio، وهو إصدار لمجموعة من أعمال شكسبير الدرامية التي تم جمعها بعد وفاته والتي تضمنت معظم المسرحيات التي نعرفها عنه الآن. وقد تم نشر هذا المجلد مرفق معه قصيدة كتبها بن جونسون، حيث يشيد الشاعر بصرامة الكاتب المسرحي في مقولة مشهورة له الآن وهي “ليس لهذا العصر، ولكن لكل العصور”.
طوال القرنين العشرين والحادي والعشرين، تم التعديل على أعمال شكسبير باستمرار وإعادة اكتشافها من خلال حركات جديدة في الدراسة والأداء . لا تزال مسرحياته وثقافته تحظى بشعبية كبيرة ويتم دراستها، وأداءها باستمرار وإعادة تفسيرها في سياقات ثقافية وسياسية متنوعة في جميع أنحاء العالم.
نشأته
ولد شكسبير وترعرع في “ستراتفورد ابون أفون”، وارويكشاير. في عمر الثامنة عشر تزوج ب “آن هاثاواي” وأنجب منها ثلاثة أطفال هم : سوزان والتوأم هامنت وجودث. بدأ ويليام رحلته الوظيفية الناجحة كممثل وكاتب وشريك في شركة تمثيل تسمى “رجال اللورد شامبرلين” وذلك بين عامي 1585 و1592، وقد انتقل إلى ستراتفورد حوالي عام 1613 في عمر ال 49، حيث توفي بعدها بثلاث سنين. بقي فقط القليل من المدونات عن حياة شكسبير الخاصة، مما أثار بعض التكهنات حول مظهره الجسدي وميوله الجنسية ومعتقداته الدينية، وإذا ما كانت الأعمال الذي نسبت إليه قد كتبها بنفسه أم كتبها أشخاص أخرون.
أنجز شكسبير معظم أعماله المشهورة ما بين 1589 و1613. وكانت تدور مسرحياته الأولى مبدئياً حول الكوميديا والتاريخ، وقد اعتبرت من أعظم الأعمال التي أنتجت في هذا النوع من الكتابة. بعد ذلك قام بكتابة التراجيدي بشكل رئيسي حتى عام 1608، من أهمها هاملت وعطيل والملك لير وماكبث. في الفترة الأخيرة من عمره كتب ويليام المآسي الكوميدية (الكوميديا التراجيدية) والتي تعرف أيضا ب”الرومانسيات”، وقد تعاون أيضاً مع كتّاب مسرحيين أخرين. تم نشر معظم مسرحياته في إصدارات مختلفة الجودة والدقة طوال مدة حياته. في عام 1623 قام صديقا ويليام: جون هيمينجيز وهنري كونديل بنشر أعماله وعرفت بـ”فرست فوليو”، وهي إصدارات تمت بعد وفاته لأعماله الدرامية (ما عدا مسرحيتين عرفتا فيما بعد بأنهما لشكسبير). وقد استهلت بقصيدة لبين جونسون والتي أشاد فيها ببصيرة شكسبير بأنه ليس كاتباً لعصر واحد بل لكل العصور. تم إعادة تقييم أعماله مراراً وتكراراً في القرنين العشرين والواحد وعشرين بأساليب جديدة في التدريس والأداء وظلت مسرحياته مشهورة بشكل كبير، وتم دراستها وأداؤها وتفسيرها في مختلف الثقافات والسياقات السياسة على مستوى العالم باستمرار. حلّت الذكرى السنوية الأربعمائة لوفاته في عام 2016 حيث قامت شخصيات مشهورة في المملكة المتحدة بتشريف شكسبير وأعماله عبر العالم.
حياته
ولد شكسبير في سنة 1564 وكانت أمه ماري آردن، من أسرة قديمة في وركشير، وقد قدمت إلى جون شكسبير، ابن مستأجر أرض والدها، صداقاً ضخماً نقداً وأرضاً، وأنجبت له ثمانية أطفال كان ثالثهم وليم. وأصبح جون من رجال الأعمال الأثرياء الناجحين في ستراتفورد على نهر الآفون، واشترى منزلين، وخدم بلده ذائقاً للجعة، ومسؤولاً عن الأمن، وعضواً في مجلس المدينة، ومساعداً لمأمور التنفيذ، وأحسن إلى الفقراء بسخاء. وبعد 1575 انحطت موارده، وأقيمت عليه الدعوى من أجل ثلاثين جنيهاً، وأخفق في دفع التهمة عنه، وصدر أمر بالقبض عليه في 1580 لأسباب مجهولة، ومثل أمام المحكمة ليقدم ضماناً بعدم الإخلال بالأمن. وفي 1592 سجل اسمه ضمن الذين “لا يحضرون إلى الكنيسة شهرياً طبقاً لما نصت عليه قوانين صاحبة الجلالة”. واستنتج بعضهم من هذا أنه كاثوليكي “عاصي”، وآخرون أنه كان بيوريتانياً، كما استنتج غيرهم أنه لم يكن يجرؤ على مواجهة دائنيه. استعاد وليم فيما بعد مالية أبيه، ولما قضى الوالد نحبه (1601) بقي في شارع هنلي منزلان باسم شكسبير. هناك تكهنات وروايات عديدة عن طفولته أشهرها: أسطورة ستراتفورد الشائعة، وهي أن الوالد ربى ابنه لبعض الوقت في مدرسة مجانية ولكن سوء ظروفه وحاجته إلى مساعدة ابنه له في موطنه أجبرتاه على سحب ابنه من المدرسة، وفي المرثية التي ظهرت في مقدمة طبعة فوليو الأولى لروايات شكسبير، قال بن جونسون يخاطب منافسه الذي مات “لقد تعلمت قليلاً من اللاتينية، وأقل من اليونانية”، فمن الواضح أن الكتاب المسرحيين اليونانيين ظلوا على حالهم يونانيين بالنسبة لشكسبير (أي لم يطلع عليهم)، ولكنه تعلم من اللاتينية ما يكفي لملء رواياته الصغيرة بشذرات لاتينية وتوريات ثنائية اللغة. وهناك أسطورة أخرى سجلها ريتشارد ديفيز حوالي 1681 وصفت وليم الصغير بأنه “كثيراً ما كان سيئ الحظ في سرقة الغزلان والأرانب، وبخاصة من سير توماس لوسي الذي كان غالباً ما يجلده بالسوط، وأحياناً يسجنه”.
في 27 نوفمبر 1582 عندما كان شكسبير في سن الثامنة عشرة، حصل هو وآن هاثاواي، وكانت هي في سن الخامسة والعشرين، على إذن خاص بالزواج. ويقال أن أصدقاء آن أرغموا شكسبير على الزواج منها. وفي مايو 1583 (أي بعد زواجهما بستة أشهر)، ولدت لهما طفلة أسمياها سوزانا، وأنجبت آن فيما بعد للشاعر توأمين عمدا تحت اسم هامنت وجوديث في 2 فبراير 1585. ويحتمل أنه حوالي نهاية نفس العام هجر شكسبير زوجته وأولاده. ولا يوجد أي معلومات عنه فيما بين عامي 1585-1592، حين كان ممثلاً في لندن.
ما أن جاءت سنة 1592 حتى كان شكسبير ممثلاً وكاتباً مسرحياً في العاصمة. ويروي دودال (1693) ورو (1709) أنه “استقبل في المسرح كخادم في مرتبة وضيعة جداً”، وهذا أمر محتمل. ولكن صدره كان يجيش بأشد الطموح “يتلهف على فن هذا ومقدرة ذاك، دون أن ينصرف تفكيره إلى شيء سوى الجلال والعظمة” وسرعان ما كان يمثل أدواراً صغيرة، جاعلاً من نفسه متعة وبهجة للنظر، ثم مثل دور “آدم الشفوق” في رواية “على هواك” والشبح في هملت وربما صعد إلى مرتبة أعلى لأن اسمه تصدر قائمة الممثلين في رواية جونسون Everyman In His Humour أو في رواية جونسون Sejanus (، (1604 هو ويوريدج بأنهما “الممثلان المأساويان الرئيسيان”. وفي أواخر 1594 أصبح مساهماً في فرقة تشمبرلين للممثلين. ولم يكسب ثروته من كونه كاتباً مسرحياً، بل لكونه ممثلاً ومساهماً في فرقة مسرحية. ومهما يكن من أمر فانه في 1591 كان يكتب الروايات، ويبدو أنه بدأ “طبيباً للرواية” (يعالجها ويفحصها) فحرر المخطوطات ونقحها وكيفها للفرقة. وانتقل من مثل هذا العمل إلى الاشتراك في التأليف، وإن الأجزاء الثلاثة من “هنري السادس” (1592) لتبدو أنها من مثل هذا الإنتاج المشترك. وبعد ذلك كتب روايات بمعدل اثنتين كل عام، حتى بلغت جملتها ستاً وثلاثين أو ثماني وثلاثين رواية. وإن عدة من رواياته الأولى مثل Two Gentlemen Of Venoma, Acomedy Of Errors، (1594)، Loves Labours Lost (1594)- توافه هزلية مليئة بالمزاح المرهق لنا الآن. وإنه لمن الدروس المفيدة أن نعلم أن شكسبير صعد سلم المجد بالعمل الشاق والجهد المضني. ولكن الصعود كان سريعاً. وأوحت إليه رواية مارلو “إدوارد الثاني” أن يلتمس في التاريخ الإنجليزي أفكاراً لموضوعات مسرحية كثيرة وضارعت رواية “ريتشارد الثاني” (1595) رواية مارلو. أما رواية “ريتشارد الثالث” (1592) فكانت بالفعل قد بزتها. ووقع إلى حد ما في خطأ خلق شخص واحد من صفة واحدة-الملك الأحدب من الطموح الموصوم بالخيانة والقتل، ولكنه بين الحين والحين ارتفع بالرواية عن متوى مارلو بعمق التحليل وقوة الإحساس وومضات من العبارة المشرقة. وسرعان ما أصبحت عبارة “جواد! جواد” ! مملكتي مقابل جواد!”، ذائعة على كل الألسنة في لندن. ثم فترت العبقرية في 1593 وغلب التقليد، وعرض رقصة الموت البغيضة، فان تيتس يقتل ابنه، وآخرين صهره أو زوج ابنته، على المسرح، وتغتصب عروس وراء الكواليس فتأتي إلى خشبة المسرح، وقد قطعت يداها، وقطع لسانها، والدم ينزف من فمها، ثم يقطع أحد الخونة يد تيتس بفأس أمام جمهور الدرجة الثالثة الذين تكاد عيونهم تلتهم المشهد، وتعرض رأساً ابني تيتس المفصولان، وتقتل إحدى المرضعات على المسرح. وجهد النقاد الذين يجلون شكسبير ليحملوا المشتركين في التأليف جزءاً من مسئولية هذه المذبحة، طبقاً للنظرية الخاطئة القاتلة بأن شكسبير لا يكتب هراء، ولكنه كتب بالفعل قدراً كبيراً منه. وألف شكسبير في هذه المرحلة، شعره القصصي وقصائد السونيت، وربما كان الطاعون الذي تسبب بإغلاق كل مسارح لندن بين 1592-1594، هو الذي تركه في فراغ أليم بائس، ورأى أنه من صواب الرأي أن يوجه شيئاً من الشعر المؤمل إلى أحد رعاة الشعر. وفي (1593) أهدى فينوس وأودنيس إلى هنري ريوتسلي أرل سوثمبتون الثالث. وكان لودج قد اقتبسها من قصة أوفيد Metamorphoses، واقتبسها شكسبير عن لودج، وكان الأول شاباً وسيماً منغمساً في الملذات الجنسية والصيد والقنص ويبدو كثير منها غذاء تافهاً عديم القيمة في هذه السنوات العجاف، ولكن في غمرة هذا الإغراء الشديد هناك قطع ذات جمال حسي مثل الأبيات من (679-708) مما قل أن قرأت إنجلترا مثله من قبل. وتشجع شكسبير بما لقيت القصيدة من استحسان عام، وبهدية من سوثمبتون فأصدر في 1594 The Ravyshement Of Lucrece حيث تم الإغراء باقتصاد أكبر في الشعر. وكانت هذه آخر ما أصدره بمحض اختياره. وفى عام 1593 تقريباً بدأ يكتب ولكنه حجز عن المطبعة قصائد السونيت التي كانت أول ما ثبت مكانته الرفيعة بين شعراء عصره. وهي من الناحية الفنية أدق أعمال شكسبير تقريباً، وقد نهلت كثيراً من معين بترارك من قصائد السونيت- الجمال العابر للمحبوبة وتردداتها وتقلباتها القاسية، وتثاقل خطوات الزمن الذي يضيع سدى وغير الحبيب وظمؤه القاتل، وتفاخر الشاعر بأن قريضه سوف يخلد جمال الحبيبة وشهرتها إلى الأبد. بل إن هناك عبارات وألقاباً ونعوتاً منتحلة من كوننستابل ودانيل، وواطسون- وغيرهم من شعراء السونيت الذين كانوا هم أنفسهم حلقات في سلسلة السرقات الأدبية. ولم يفلح أحد في ترتيب قصائد السونيت في نظام قصصي ثابت، وكانت كلها عملاً طارئاً في أيام متباعدة. ويجدر بنا ألا نأخذ بكثير من الجد حبكتها الغامضة-حب الشاعر لشاب يافع، وميله إلى “سيدة سمراء” في البلاط. وصدودها عنه، وترحيبها بصديق له، وظفر شاعر منافس بذاك الصديق، وسهاد شكسبير اليائس وتفكيره في التخلص من الحياة. ومن الجائز أن شكسبير، وهو يمثل في البلاط، اختلس النظرات في لهف بعيد إلى الوصيفات المحيطات بالملكة، واللائي تضمخن بعطور ذات رائحة مثملة، وارتدين ثياباً تبهر الأنظار، ولكن ليس من المرجع أنه تحدث إليهن أو حاول اقتناصهن قط، ومهما يكن من أمر فقد كانت غير متزوجة، في الوقت الذي خانت فيه زوجة شكسبير “عهد الزوجية” بحب الشاعر و”محبوبه”(10). وفي عام 1609 نشر توماس ثورب قصائد السونيت، وواضح أن هذا كان بدون موافقة شكسبير، لأن المؤلف لم يكتب فيها إهداء، ولكن ثورب نفسه صدرها بإهداء حير الأجيال: “إلى الوحيد الذي يقدر القصائد التالية، السيد و.هـ. مع كل ما بشر به شاعرنا الخالد من سعادة وخلود، مع أطيب التمنيات للمغامر الذي يبغي الخير، فيما يعتزم من ترحال. “ويحتمل أن التوقيع ا.ت.ث. “توماس ثورب”. ولكن من هو “و.هـ.”؟ ربما كان هذان هما الحرفان الأولان من وليم هربرت أرل بمبروك الثالث الذي أغوى ماري فتون، والذي قدر له هو وأخوه فيليب أن يتلقيا إهداء الكتاب الذي نشر بعد وفاة المؤلف، على أنه أعظم راع لرجال العلم والأدب من أي نبيل في عصره أو منذ ذلك العصر”. وكان هربرت في عامه الثالث عشر فقط حين بدأت قصائد السونيت 1593، ولكن تأليفها امتد حتى 1598، حين كان بمبروك قد اشتد عوده ونضج للحب ورعاية الأدب والأدباء. ويتحدث الشاعر بحرارة عن حبه “للمحبوب الفتي”، وغالباً ما استخدمت كلمة الحب بمعنى الصداقة. ولكن القصيدة رقم 20 تطلق على الفتى “سيد- سيدة هيامي وهواي” وتنتهي بتورية تصور الحب الجنسي. والقصيدة 128 (والظاهر أنها موجهة “للفتى الوسيم” الوارد ذكره في القصيدة 126) تتحدث عن نشوة العشق والغرام. وكان بعض الشعراء في عصر إليزابث أدباء لوطيين قادرين على تهيئة أنفسهم للحب الطروب المبهج، لأي رجل من ذوي اليسار.
لقد جاءت قصة روميو وجوليت إلى إنجلترا من قصص مازوتشيو وباندللو. وأعاد آرثر بروك صياغتها (1562) في شعر قصصي، ونقلاً عن بروك، وربما عن رواية أخرى أسبق في نفس الموضوع، أخرج شكسبير للمسرح روايته “روميو وجوليت” حوالي 1595. وأسلوبها محشو بأخيلة وأوهام ربما علقت بقلمه من نظم قصائد السونيت، فجاءت المجازات جافة شاذة، ورسمت شخصية روميو بشكل ضعيف إلى جانب مركوشيو المنفعل المهتاج. زحل العقدة عبارة عن سلسلة متصلة من السخافات. ولكن من ذا الذي يذكر الشباب، أو يرسب في أعماقه حلم، يستطيع أن يستمع إلى هذه الموسيقى العاطفية الرومانسية الحلوة، دون أن ينبذ كل معايير الثقة والتصديق، وينهض لاهثاً أو حابساً أنفاسه نحو الشاعر وهو يشق طريقه إلى هذا العالم بما فيه من غيرة جامحة وقلق مرتجف، وفناء حزين. والآن يسير شكسبير من نصر إلى نصر في عالم المسرح، في كل عام تقريباً. ففي 7 يونيه 1594 أعدم ردريجو لوبيز، طبيب الملكة اليهودي، بتهمة قبول رشوة ليدس السم للملكة. ولم يكن الدليل قاطعاً، وترددت إليزابث طويلاً في التصديق على حكم الإعدام، ولكن العامة في لندن أخذوا جريمته قضية مسلماً بها. واستعرت روح العداء للسامية في الحانات(11). ويمكن أن يكون شكسبير قد تأثر إلى حد أن يضرب على هذا الوتر الحساس، أو أنه كلف بذلك، فكتب “تاجر البندقية” (1596؟)، وشارك إلى حد ما مستمعيه في مشاعرهم، فأجاز أن يمثل شيلوك في شخصية هزلية في ثياب رثة مع أنف عريض مصطنع، ونافس مارلو في إبراز كراهية مقرض النقود وجشعه، ولكنه أضفى على شيلوك بعض الصفات المحببة التي لا بد أنها جعلت الحمقى يحزنون، ثم أنه أورد على لسانه عرضاً للقضية من أجل اليهود، بلغ من الوضوح والجرأة حداً جعل كبار النقاد لا يزالون يجادلون فيما إذا كان شيلوك قد صور مفترى عليه أكثر منه آثماً مذنباً(12)؟ وهنا، فوق كل شيء، أظهر شكسبير براعته في أن يؤلف صورة متناسقة الأجزاء من خيوط مختلفة من قصص جاءت من الشرق ومن إيطاليا، كما جعل جسيكا المرتدة متلقية مثل هذا الشعر العاطفي الرومانتيكي، كما لا يمكن أن تتصوره إلا روح ذات حساسية عالية. وانصرف شكسبير طيلة أعوام خمسة إلى الملهاة بصفة أساسية. وربما أدرك أن الجنس البشري المنهوك يختص بأسخى جوائزه أولئك الذين يستطيعون إلهاءه بالضحك والخيال. إن رواية “حلم منتصف ليلة صيف” هراء قوي عوض عنه مندلسون. ولم نقذ هيلينا رواية “Allls Well That Ends Well”. أما رواية “أسمع جعجعة ولا أرى طحناً” فهي تتفق مع اسمها. ورواية “الليلة الثانية عشرة” محتملة فقط لأن فيولا تمثل فتى وسيم جداً. ورواية “ترويض النمرة” زاخرة بمرح صاخب بشكل لا يصدق، ومن المستحيل ترويض النساء ذوات الألسنة السليطة، هذه الرايات كلها كانت إنتاجاً لمجرد كسب المال، وإرضاء جمهور الدرجة الثالثة، ووسائل لإبقاء القطيع داخل الحظيرة، وإبقاء الذئب بعيداً عن الباب. ولكن بجزئي “هنري الرابع” (1597slash1598) صعد الساحر العظيم ثانية إلى القمة، وجمع بين المهرجين والمراء-فولستاف وبستول، هتسبير والأمير هال-في نجاح كان يمكن أن يجعل سدني يتردد. واستساغت لندن استخدام تاريخ الملوك على هذا النحو، مزخرفاً بالأوغاد، والمومسات. وتابع شكسبير العمل فأخرج “هنري الخامس” (1599)، يهز بها مشاعر المشاهدين ويسليهم في وقت معاً، ثرثرة فولستاف الذي يعاني سكرات الموت: “أيتها المروج الخضر”، ويثيرهم بجعجعة أجنكورت، ويبهجهم بمغازلة الملك الذي لا يقهر للأميرة كيت Kate بلغتين. وإذا اعتقدنا في صحة كلام رو، فإن الملكة لم تكن ترتضي الراحة لفولستاف وأمرت منشئه (مؤلف الرواية) أن يحييه ويعرضه في مشهد عشق وغرام(13). ويضيف جون دنيس (1802) وهو يروي نفس القصة، أن إليزابث رغبت في أن تتم المعجزة في مدى أسبوعين. وإذا كان كل هذا صحيحاً، فإن رواية “الزوجات المرحات في وندسور” كانت عملاً مدهشاً من أعمال البراعة والقوة، لأنها برغم كونها صاخبة لأنها حافلة بالخشونة والعنف متخمة بالتوريات، ففيها فولستاف في ذروة نشاطه وحيويته، حتى ألقى به إلى نهر في سلة غسيل. وقيل لنا إن الملكة كانت مسرورة. ثم انتج بعده هذه المقطوعة القصصية الرومانتيكية البالغة الرقة “على هواك” وربما كان سبب ها هو أنها استرشدت بمقطوعة لودج “روزاليند” (1590)، وموسيقى الرواية صافية نقية-لا تزال معوقة بالمزاح والهزل الجاف غير الممتع، ولكنها ناعمة رقيقة من حيث الإحساس، مرحة رشيقة من حيث الكلام. فأية صداقة كريمة هنا بين سليا وروزاليند، وهذا أورلندوو يحفر اسم روزاليند في لحاء الشجر، معلقاً القصائد الغنائية على أشجار الزعرور البري، والمراثي على الأشجار كثيرة الشوك، وأي رصيد سعيد من الفصاحة ينثر عبارات خالدة على كل صحيفة- وأية أغان رحبت بها ملايين الشفاه: “نحت الشجرة الخضراء هب؛ هب يا نسيم الشتاء،” “فهناك كان عشيق وفتاته”. إن التدفق أو الإنتاج بأسره كان حماقة وعاطفة لذيذتين محببتين، لا يمكن مباراته في أي أدب. في 1579 عرض كتاب توماس نورث عن بلوتارك ذخيرة نفيسة من المسرحيات، أخذ منها شكسبير ثلاثاً من “سير الحياة” وصاغها في مسرحية “يوليوس قيصر” (1599؟). ووجد أن ترجمة نورث مفعمة بالحيوية إلى حد أنه أخذ منها عدة قطع بأكملها كلمة كلمة بالنص، وكل ما عمله هو أنه حول النثر إلى شعر مرسل، ومهما يكن من أمر فإن خطبة أنتوني أمام جثمان قيصر كانت من ابتداع الشاعر نفسه، جاءت تحفة رائعة في فن الخطابة والرقة والدقة، ثم الدفاع الوحيد الذي أجازه لقيصر. وربما أثر فيه إعجابه بدوق سوثمبتون وإرل بمبروك، وارل إسكس الشاب، فرأى القتل من وجهة نظر النبلاء الأرستقراطيين المتآمرين المهددين بالخطر. ومن ثم يصبح بروتس محور الرواية. ولكنا، نحن الذي حصلنا على تفاصيل مومسن عن الفساد ذي الرائحة الكريهة في “الديمقراطية” التي أطاح بها قيصر، أشد ميلاً إلى التعاطف مع قيصر، كما فوجئنا بموت بطل الرواية في مستهل الفصل الثالث. وفي كتابة هملت استعان شكسبير برواية سابقة في نفس الموضوع وتحداها. وكانت هملت قد أخرجت في لندن قبله بست سنوات فقط. ولسنا ندري كم أخذ من هذه “المأساة” المفقودة، أو من كتاب بلفورست “التواريخ الفاجعة” (1576)، أو من “تاريخ الدنمرك” (1514) للمؤرخ الدنمركي ساسكو جراماتيكوس، كما أننا لا نستطيع القول بأن شكسبير قرأ “أمراض الاكتئاب والحزن”، وهي ترجمة إنجليزية حديثة لكتاب طبي فرنسي ألفه دي لورنس. وإنا، ونحن نشك في غير انفعال أو تذمر، في كل محاولة لتحويل الروايات إلى سيرة حياة ذاتية، ليباح لنا أن نتساءل عما إذا كان شيء من الحزن الشخصي-بالإضافة إلى تأديب الليل والنهار-قد انضم إلى التشاؤم الذي شاع في هملت، واشتدت مرارته فيما أعقبها من روايات. وكان يمكن أن يكون هذا تحرراً جديداً من وهم الحب، وهل كان القبض للمرة الأولى على اسكس (5 يونيه 1600)، أو إخفاق ثورة اسكس، أو اعتقال اسكس وسوثمبتون، أو إعدام اسكس (25 فبراير 1601)؟ ويفترض أن هذه الأحداث كلها هزت مشاعر شاعرنا المرهف الحس، الذي كان قد امتدح، في حرارة بالغة، اسكس في مقدمة الفصل الأخير من “هنري الخامس”، كما كان في إهداء “لوكريس” إلى سوثمبتون، قد عاهده على الولاء له إلى الأبد. وما أن جلس جيمس الأول على عرض إنجلترا حتى ثبت وتوسع في امتيازات فرقة شكسبير التي أصبحت “رجل الملك”. ومثلت روايات شكسبير أمام الملك بانتظام ولقيت تشجيعاً ملكياً كبيراً. وصعدت المواسم الثلاثة بين 1604-1607 بالشاعر إلى ذروة عبقريته وأقصى مرارته، فرواية “عطيل” (1604؟) قوية بقدر ما هي بعيدة عن التصديق. فقد أثار إخلاص ديدمونا وموتها شفقة المشاهدين، كما افتتنوا بخبث ياجوالدال على ذكائه، ولكن في تصوير هذا الشر المحض الذي لا باعث عليه في الإنسان؛ وقع شكسبير في خطأ مارلو، ألا وهو الشخصيات القائمة على وحدة كاملة. وحتى عطيل نفسه، على الرغم من أنه جمع بين البراعة العسكرية والغباء، كان ينقصه هذا المزاج الفني من العناصر التي تضفي الروح الإنسانية على هملت ولير وبروتس وأنطوني. ثم كتب “ماكبث” (1605؟)و كانت تأملاً أشد رهبة في الشر الذي لا تخف حدته. وكان شكسبير يستشهد بهولنشد في الحقائق المطلقة، ولكنه زاد في عتامة القصة وكآبتها بتحرره من الوهم بشكل انفعالي غاضب وانحطت هذه الحالة النفسية إلى الحضيض، كما بلغ الفن ذروته في رواية “الملك لير” (1606؟) وكان جوفري اوف مموث قد طور القصة، ثم نقلها هولنشد، وأخرجها للمسرح مؤخراً كاتب مسرحي مجهول الآن تحت عنوان “التاريخ الصحيح للملك لير” (1605) وكانت حبكات الرواية ملكاً مشاعاً. ونهجت المسرحية القديمة نهج هولنشد في أنها هيأت للملك لير خاتمة سعيدة، عن طريق احتمائه بابنته كورديليا واستعادة العرش، وواضح أن شكسبير آثم في جنون الملك وموته بخلعه من العرش كما أنه أضاف الإعماء الدامي الفظيع الذي أصاب جلوستر على المسرح. إن المرارة هي النغمة الأساسية السائدة في الرواية، وإن لير ليأمر الفسوق أن ينتشر والزنى أن يزداد “لأني يعوزني الجنود(15)” وكل الفضيلة، في نظرته القاتمة، ما هي إلا واجهة للفسق والفجور، وكل الحكومة رشوة، وكل التاريخ عبارة عن الإنسانية تفترس نفسها أو بني البشر يأكل بعضهم بعضاً. ثم اخيراً كتب رواية “تيمون الأثيني” (1608؟) فهو تشاؤم تهكمي، لم يتخلص منه. ويصوب لير سهامه إلى نساء، ولكنه يحس ببعض الرثاء المتأخر للبشر، ويحتقر بطل “كوريولانس” الناس على أنهم النتاج المتقلب الذليل الأبله للإهمال والطيش، ولكن تيمون يذم الجميع رفيعهم ووضيعهم، ويصب اللعنة على المدنية نفسها على أنها أفسدت أخلاق البشر. وكان بلوتارك فيسيرة أنطوني قد ذكر تيمون على أنه مبغض للبشر مشهور، وكان لوشيان قد أورده في حوار، كما كانت رواية إنجليزية قد ألفت عنه قبل أن يأخذ شكسبير الفكرة مع مساعد مجهول بثماني سنوات. وكان تيمون ثريا (مليونير) أثينيا يحيط به أصدقاء متملقون متفتحون يسارعون إلى تقبل أفكاره، وعندما يفقد ماله، ويرى أصدقاءه يختفون بين عشية وضحاها، ينفض غبار المدينة عن قدميه ويأوى-جاداً صارماً-إلى العزلة في غابة، حيث يأمل أن “يجد أشد الحيوانات وحشية أكثر رفقاً وشفقة من بني الإنسان” وهو يتمنى لو “أن ألسبيادس” كان كلباً “حتى أكن لك شيئاً من الحب” ويعيش على جذور الشجر، وينقب فيجد ذهباً، وهنا يظهر الأصدقاء من جديد فيطردهم ويحتقرهم ويهجوهم ألذع هجاء. ولكن عندما تأتي العاهرات وبنات الهوى ينفحهن بالذهب، شريطة أن ينقلن الأمراض التناسلية إلى أكبر عدد ممكن من الرجال ثم وفي سورة الكراهية يأمر تيمون الطبيعة أن تكف عن النسل، ويأمل أن تتكاثر الوحوش الضارية لتستأصل الجنس البشري، إن هذا الإسراف في بعض البشر يجعله يبدو غير حقيقي، ولا يمكن أن نصدق أن شكسبير قد أحس بهذا التشامخ السخيف على الخاطئين، وبأنه غير مؤهل بمثل هذا الجبن لمتاع الحياة الدنيا.
عاش شكسبير أعوامه الأخيرة مع أصدقائه، عيشة وادعة منعزلة، كما يتمنّى جميع العقلاء أن يقضوها.. كان لديه من الثروة ما يكفي لاحتياز أملاك تفي بما يحتاج إليه، وبما يرغب فيه، ويقال أنه قضى بعض السنوات، قبل أن توافيه المنية، في مسقط رأسه «ستراتفورد» ويروي «نيكولاس رو» عنه: «إن ظرافته الممتعة، وطيبته قد شغلتاه بالمعارف، وخولتاه مصادقة أعيان المنطقة المجاورة»..
لقد مات شكسبير كما عاش، من غير ما يدل كثيراً على انتباه العالم، ولم يشيّعه إلا أسرته وأصدقاؤه المقربون، ولم يُشِد الكتاب المسرحيون الآخرون بذكراه إلا إشادات قليلة، ولم تظهر الاهتمامات الأولى بسيرة شكسبير إلا بعد نصف قرن، ولم يكلّف نفسه أي باحث أو ناقد عناء دراسة شكسبير مع أي من أصدقائه أو معاصريه.. مات شكسبير بعد أن عانى من حُمّى تيفية، وقرع جرس موته في كنيسة «ستراتفورد» في 23 نيسان، في اليوم الذي ولد فيه قبل /53/ سنة، وقيل إنه دفن على عمق /17/ قدماً، وهذه الحفرة تبدو عميقة بالفعل، وقد تكون حُفرت مخافة عدوى التيفوس، ولعل شكسبير هو من كتب على الشاهدة:
أيها الصديق الطيب، كرمى ليسوع لا تحفر هذا التراب المسّور ههنا مبارك من تحفظ هذه الأحجار وملعون من يحرك عظامي لقد أعطى العالم أعماله، وصداقته الطيبة، ولكنه لم يعطه جثمانه أو اسمه.. حمل المشيعون باقات من إكليل الجبل أو الغار، وألقوها على القبر الذي يزوره إلى يومنا هذا آلاف المعجبين.
المصدر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة برخصة المشاع الإبداعيفي مدينة فيرونا الجميلة حيث تجري قصتنا؛ دخلت قصة الجوقة الكراهية التي طال أمدها بين عائلتين في دائرة جديدة من العنف؛ فلوث أبناء المدينة أياديهم بدماء جيرانهم، ومن نسل العائلتين المتخاصمتين جاء صبي وفتاة تعيسان، جمع الحب بين قلبيهما وبسببه أخذا حياتهما بيدهما، لتنتهي العداوة بين آبائهما بموتهما المشئوم وعلى مدى الساعتين التاليتين، سنشاهد قصة حبهما الهالك المقدر له الموت، وصراع آبائهما الذي لم يستطع أي شيء أن يوقفه إلا انتحار ابنيهم فإذا أعرتم لنا أسماعكم بأناة، فسنحيطكم علمًا بكل ما لم تروه في هذا البرولوج على خشبة المسرح.لان الحب اعمى،انسب شي له هو الظلامHis arrow has pierced me too deeply, so I can’t fly high with his cheerful feathers. Because this wound keeps me down, I can’t leap any higher than my dull sadness. I sink under the heavy weight of love.خذ هذا الذهب وهو أشد سماً للروح وهو يرتكب جرائم قتل شنيعة أكثر من هذا السمBeauty makes it possible for lovers to see how to make love in the dark. Or else love is blind, and its best time is the night
روميو وجولييت عربي إنجليزي رابط مباشر PDF