تنزيل كتاب ألف ليلة وليلة أبو مُحمّد عبد الله بن المقفع (106 142 هـ)(724 م ـ 759 م) (بالفارسية:ابن مقفع أبو مٰحَمَّد عبد الله روزبه بن داذويه) وهو مفكّر فارسي وُلِد مجوسياً لكنه اعتنق الإسلام، وعاصر كُلاً من الخلافة الأموية والعباسية.
درس الفارسية وتعلّم العربية في كتب الأدباء واشترك في سوق المربد. نقل من البهلوية إلى العربية كليلة ودمنة. وله في الكتب المنقولة الأدب الصغير والأدب الكبير فيه كلام عن السلطان وعلاقته بالرعية وعلاقة الرعية به والأدب الصغير حول تهذيب النفس وترويضها على الأعمال الصالحة ومن أعماله أيضاً مقدمة كليلة ودمنة.
سيرته
هو عبد الله بن المقفع، فارسي الأصل، وُلِد في قرية بفارس اسمها جور، مؤرخون أخرون ينسبون مولده للبصرة، كان إسمه روزبه پور دادویه (روزبه بن داذويه)، وكنيته “أبا عمرو”، فلما أسلم تسمى بعبد الله وتكنى بأبي محمد ولقب والده بالمقفع لأنه أُتهِم بِمّدَ يده وسرق من أموال المسلمين والدولة الإسلامية لِذا نكّل بِه الحجاج بن يوسف الثقفي وعاقبه فضربه على أصابع يديه حتى تشنجتا وتقفعتا (أي تورمتا وإعوجت أصابعهما ثم شُلِتا). وقال ابن خلكان في تفسيره: كان الحجاج بن يوسف الثقفي في أيام ولايته العراق وبلاد فارس قد ولى داذويه خراج فارس، فمد يده واخذ الأموال. فعذبه فتفقعت يده فقيل له المقفع، وقيل انه سمي بالمقفع لأنه يعمل في القفاع ويبيعها، ولكن الرأي الأول هو الشائع والمعروف وعلى أساسه عرف روزبه بابن المقفع.
نشأ ابن المقفع على المجوسية على مذهب المانوية وكان له نشاط في نشر تعاليمها وترجمتها إلى العربية، ومنها كتاب في سيرة مزدك أحد دعاة الثنوية ومن زعمائها المجددين لمبادئها. حتى أسلم على يد عيسى بن علي، فتغير اسمه لعبد الله وتكنى بأبي محمد، ولم تطل فترة اسلامه اذ قتل على يد سفيان بن معاوية بن يزيد بن الملهب بإيعاز من المنصور متهماً بالزندقة، حيث كانت مبررات قتله على انه زنديق من الفئة التي تتظاهر بالإسلام مراءاة وخداعاً. ولكن ليس في آثار بن المقفع مايدل على زندقته، ولم يكن هنالك دليل مادي يوجه اتهامات إليه لإثبات زندقته وتبرير قتله، فالزندقة ليست السبب الحقيقي لمقتله وإنما كانت للتغطيه. بالرغم من ذلك فإن احتمالية كونه زنديقاً بعد اسلامه امر محتمل، فيشير بعض المؤرخين بأن اسلامه ماكان إلا ليحافظ على كرامته وطمعاً في الشهرة والجاه وتقرباً إلى مواليه العباسيين.
صفاته
عُرِف عبد الله بن المقفع بذكائه وكرمه وأخلاقه الحميدة، وكان له سعة وعمق في العلم والمعرفة ماجعله من أحد كبار مثقفي عصره، حيث تتكون ثقافته من مزيج من ثلاثة جوانب: العربية، الفارسية واليونانية، وكان ملماً بلسان العرب فصاحةً وبيناً، وكاتباً ذو أسلوب، وذلك لنشأته في ولاء آل الأهتم، ووصف بمنزلة الخليل بن أحمد بين العرب في الذكاء والعلم، واشتهر بالكرم والإيثار، والحفاظ على الصديق والوفاء للصحب، والتشدد في الخلق وصيانة النفس. ونستطيع أن نعرف عنه صدقه من خلال كتاباته وحبه للأصدقاء حتى قال:”ابذل لصديقك دمك ومالك” وذات مرة سُئل ابن المقفّع عن الأدب والأخلاق فقيل له: “من أدّبك”؟ فقال: “إذا رأيت من غيري حسنا آتيه، وإن رأيت قبيحا أبَيْته”. وقد اتهمه حساده بفساد دينه، وربما كان الاتهام واحد من أسباب مقتله، ولا نجد في شيء من كتاباته ما يؤكد صدق هذا الاتهام.
جمع بين الثقافة العربية والفارسية واليونانية والهندية، فنال من كل هذه الثقافات نصيبًا وافرًا من الفصاحة والبلاغة والأدب، ولا يخفى هذا الأثر الطيِّب إذا تصفّحتَ مؤلفًا من مؤلفاته، فتنهال عليك الحكمة من بين الأسطر، وتنعم بالأسلوب السلس، والذوق الرفيع.
كان حافظا للجميل فمن أهم أقواله: “إذا أسديت جميلاً إلى إنسان فحذار أن تذكره وإذا أسدى إنسان إليك جميلاً فحذار إن تنساه” والعديد والعديد من الصفات الرائعة.
المصدر: ويكيبيديا الموسوعة الحرة برخصة المشاع الإبداعيألف ليلة وليلة هو كتاب يتضمّن مجموعة من القصص التي وردت في غرب وجنوب آسيا بالإضافة إلى الحكايات الشعبية التي جُمِعت وتُرجمت إلى العربية خلال العصر الذهبي للإسلام. يعرف الكتاب أيضاً باسم الليالي العربية في اللغة الإنجليزية، منذ أن صدرت النسخة الإنجليزية الأولى منه سنة 1706، واسمه العربي القديم “أسمار الليالي للعرب مما يتضمن الفكاهة ويورث الطرب”وفقاً لناشره وليم ماكنجتن.
جُمع العمل على مدى قرون، من قِبل مؤلفين ومترجمين وباحثين من غرب ووسط وجنوب آسيا وشمال أفريقيا. تعود الحكايات إلى القرون القديمة والوسطى لكل من الحضارات العربية والفارسية والهندية والمصرية وبلاد الرافدين. معظم الحكايات كانت في الأساس قصصاً شعبية من عهد الخلافة، وبعضها الآخر، وخاصة قصة الإطار، فعلى الأرجح تم استخلاصها من العمل البهلوي الفارسي «ألف خرافة» (بالفارسية: هزار أفسان) والتي بدورها اعتمدت جزئياً على الأدب الهندي. بالمقابل هناك من يقول أن أصل هذه الروايات بابلي.
ما هو شائع في جميع النُّسخ الخاصة بالليالي هي البادئة، القصة الإطارية عن الحاكم شهريار وزوجته شهرزاد، التي أدرجت في جميع الحكايات. حيث أن القصص تنطلق أساساً من هذه القصة، وبعض القصص مؤطرة داخل حكايات أخرى، في حين تبدأ أخرى وتنتهي من تلقاء نفسها. بعض النُّسخ المطبوعة لا تحتوي سوى على بضع مئات من الليالي، والبعض الآخر يتضمن ألف ليلة وليلة أو أكثر. الجزء الأكبر من النص هو بأسلوب النثر، على الرغم من استخدام أسلوب الشعر أحياناً للتعبير عن العاطفة المتزايدة، وأحياناً تستخدم الأغاني والألغاز. معظم القصائد هي مقاطع مفردة أو رباعيّة، كما أن بعضها يكون أطول من ذلك.
هناك بعض القصص المشهورة التي تحتويها ألف ليلة وليلة، مثل “علاء الدين والمصباح السحري”، و”علي بابا والأربعون لصاً”، و”رحلات السندباد البحري السبع”، كما أن هناك بعض الحكايات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر شبه مؤكدة تقريباً، وليست جزءاً من ألف ليلة وليلة الموجودة في الإصدارات العربية، ولكنها أضيفت من قبل المستشرق الفرنسي أنطوان غالان ومترجمين أوروبيين آخرين، وكان أنطوان غالان قد عمل على ترجمة الكتاب إلى الفرنسية سنة 1704.
نبذة
القصة الإطارية الرئيسية لحكايات «ألف ليلة وليلة» تحكي قصة ملك يدعى شهريار، حيث بدأ الأمر عندما اكتشف الملك أن زوجة أخيه كانت خائنة وقد صُدم لذلك الأمر، وما زاد ذلك اكتشاف خيانة زوجته له أيضاً، فقد كان أمراً لا يّحتمل بالنسبة إليه، لذا قرّر إعدامها، ورأى أن جميع النساء مخطئات. تزوج الملك شهريار من العذارى، يومياً، حيث يقتل العروس ليلة العرس، قبل أن تأخذ الفرصة لتخونه. بعد فترة لم يجد الوزير الذي كان مكلفاً بتوفير عروس للملك، مزيداً من العذارى. عندها عرضت ابنته شهرزاد نفسها لتكون عروساً للملك، فوافق أبوها على مضض. في ليلة زواجهما، بدأت شهرزاد تحكي حكاية للملك ولكن لا تنهيها، ما أثار فضول الملك لسماع نهاية الحكاية، ودفعه بالضرورة إلى تأجيل إعدامها للاستماع إلى نهاية الحكاية. وفي الليلة التالية، عندما تنتهي من حكاية ما تبدأ بحكاية جديدة، تشوق الملك لسماع نهايتها هي الأخرى وهكذا، حتى أكملت لديه ألف ليلة وليلة.
تختلف الحكايات فهي متنوّعة، وتشمل القصص التاريخية والغرامية والتراجيدية والكوميدية، والشعرية، والخيالية، والأسطورية، بالإضافة إلى عدة أنواع من القصص الجنسية. وهناك قصص عديدة تصف الجن والغيلان والقردة، كما أن هناك قصصاً عن السحرة والمشعوذين والأماكن الأسطورية، والتي غالباً ما تتداخل مع أناس حقيقيين وأماكن موجودة على أرض الواقع، ولكنها ليست دائما منطقية.
الشخصيات البارزة
وهي تشمل الخليفة العباسي هارون الرشيد ووزيره جعفر البرمكي والشاعر الشهير أبا نواس، فعلى الرغم من أن هذه الشخصيات ظهرت بعد نحو مئتي عام من سقوط الإمبراطورية الساسانية التي هي في الظاهر أصل الحكاية إلا أنها تظهر في عدد من الحكايات الأخرى التي يتضمّنها الكتاب.
في بعض الأحيان تقوم بعض الشخصيات الموجودة في حكايات شهرزاد بسرد قصص تحتوي على شخصيات أخرى، وبعض تلك القصص تحتوي على قصص أخرى بداخلها، مما ينتج نسيجاً مترابطاً من السرد الروائي.
تختلف عدد من الإصدارات في تفاصيل نهاية القصة، حيث أن بعضها يذكر بأن شهرزاد تطلب العفو، والبعض الآخر يذكر بأن الملك شهريار عندما يرى أطفالهما يقرر عدم إعدامها، بينما تذهب بعض الإصدارات إلى أن الملك يبقي في حيرة من أمره، إلا أنها جميعاً تنتهي بعفو الملك شهريار عن زوجته وشهرزاد والتراجع عن عادته بقتل النساء.
أسلوب الراوي يعطي نهاية مشوّقة، وهي أوسع نطاقاً مما هي عليه في الأدب الحديث. العديد من الحالات تقطع القصة فيها حينما يكون البطل في خطر، وفي بعض أجزاء النصوص تتوقف شهرزاد في منتصف الرواية لتبيّن بعض المبادئ الفلسفية المجردة أو بعضاً من الفلسفة الإسلامية، وفي حالة واحدة قامت بوصف مفصل لعلم التشريح البشري وفقاً لجالينوس، وفي جميع هذه الحالات تريد زيادة الفضول لدى الملك لتسلسل القصص، وأملاً منها أن يبقيها على قيد الحياة لفترة أطول.
تاريخ الإصدارات والترجمات
تُرجِم كتاب ألف ليلة وليلة إلى عدّة لغات، وقد طبع بالعربية لأول مرة في ألمانيا سنة 1825م بإشراف «المستشرق هايخت» فأنجز منه ثمانية أجزاء، مع ترجمته إلى الألمانية، وتوفي قبل إتمام الكتاب، فأنجز الباقي تلميذه هاينريخ فلايشر المتوفي سنة 1888م ثم طبع مرات عدّة، أهمها طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة 1960م. وقد عمِل محسن مهدي على توثيق النسخ العربية في عمل صدر له في ليدن سنة 1984م. هناك مجموعة من الرسومات صاحبت الترجمات الغربية لألف ليلة وليلة في كتاب (ألف ليلة وليلة: مقالات نقدية وببلوغرافية) الصادر باللغة الإنجليزية، و(ديوان ألف ليلة وليلة) تحقيق عبد الصاحب العقابي: كتاب التراث الشعبي، ويقع الكتاب في 577 صفحة مزودة بلوحات فنية. أما مؤلف الكتاب فلا يعرف حتى الآن من هو واضع كتاب “ألف ليلة وليلة”، وقد ذهب «الشرواني» في مقدمة الطبعة الإيرانية إلى أن واضع الكتاب شامي الأصل، جعله في لغة مبسطة متوخياً تعليم اللغة العربية إلى الراغبين فيها أكثر ما توخى الاقتراب من إفهام الناس. وقد لحقه الرأي دي ساسي الذي لا يستبعد أن يكون قد زاد على الأصل السوري النقلة والحكاؤون، في كل زمان ومكان أخباراً وحكايات من عندهم.
أصل الكتاب
يميل «جوناثان سكوت» في مقدمته للطبعة الإنجليزية إلى أن واضع الكتاب أكثر من شخص، فلا يعرف البادئ ولا المتأخرون ولا تعرف جنسياتهم. أما «لانجلس» فعلى رأي «المسعودي» الذي يردّ الكتاب إلى الهند، في قوله:
«وإن سبيل الأخبار سبيل الكتب المنقولة إلينا والمترجمة لنا من الفارسية والهندية والرومية، سبيل تأليفها ما ذكرنا مثل كتاب “هزار افسانه” وتفسير ذلك من الفارسية إلى العربية ألف خرافة، والخرافة بالفارسية يقال لها افسانه، والناس يسمون هذا الكتاب “ألف ليلة وليلة” وهو خبر الملك والوزير وابنته وجاريتها وهما شيرازاد ودنيازاد.»
كان «ابن النديم» صاحب الفهرست أول من عرف بالكتاب قال: «كتاب هزار افسان ومعناه ألف خرافة وكان السبب في ذلك أن ملكاً من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة وبات معها ليلة قتلها من الغد فتزوج بجارية من أولاد الملوك ممن لها عقل ودراية يقال لها شهرزاد فلما حصلت معه ابتدأت تخرفه وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها ويسألها في الليلة الثانية عن تمام الحديث إلى أن أتى عليها ألف ليلة وهو مع ذلك يطأها إلى أن رزقت منه ولداً أظهرته وأوقفته على حيلتها عليه فاستعقلها ومال إليها واستبقاها وكان للملك قهرمانة يقال لها دي نار زاد فكانت موافقة لها على ذلك. وقد قيل أن هذا الكتاب ألِّف لحماني ابنة بهمن. وجاءوا فيه بخبر غير هذا»، وقال: «ويحتوي على ألف ليلة وعلى دون المائتي سمر لأن السمر ربما حدث به في عدة ليال وقد رأيته بتمامه دفعات وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث»، كما قال: «ابتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري صاحب كتاب الوزراء بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم كل جزء قائم بذاته لا يعلق بغيره وأحضر المسامرين فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه وكان فاضلاً فاجتمع له من ذلك أربعمائة ليلة وثمانون ليلة كل ليلة سمر تام يحتوي على خمسين ورقة وأقل وأكثر ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه ألف سمر ورأيت من ذلك عدة أجزاء بخط أبي الطيب أخي الشافعي».
يستنتج «ماكدونلد» على أن الأصل الأول لهذا الكتاب فارسي بدليل أن أولى لياليه منقولة إلى العربية عن “هزار افسانه”. ويزيد «هومر» على أن “ألف ليلة وليلة” إن لم تكن فارسية فهي هندية. ثم يتفق «شليغل» و«غلدميستر» و«ديس ونجتشامبس» و«لويسلر» على إعطاء الكتاب إلى الهند، مع الإفراد للفرس وللعرب ببعض الفضل فيه، فمثلاً ورد في الليلة الرابعة والتسعين، أبيات مشهورة لمحي الدين بن عربي، وأولها: “ليت شعري لو دروا … أي قلب ملكوا”.
المواضيع والأساليب الأدبية
يستخدم كتاب «ألف ليلة وليلة» أساليب مختلفة وهي تختلف باختلاف قصص الكتاب كما تختلف بحسب مجموعاته، ففي المقدمة والمجموعة البغدادية يتسم غالباً كونه متين العبارة، حسن السبك، دقيق الوصف، كثير السجع، قليل الفضول، وإن كان يسفّ أحياناً ويتجرأ بالعبارة النابية عن الحشمة. وهو في المجموعة المصرية الأخيرة نسجه ضعيف، عاميّ اللفظ، فيه تهويل ممجوج، شديد الوطأة على الحياء. لكن الأسلوب العام للكتاب يتميّز بالوضوح والتشويق، ويتراوح بين الفصحى والعاميّة. كما يحتوي الكتاب على بعض الأشعار التي تتخلل بعض القصص، ولكنها تفتقر أحياناً إلى الوزن السليم، وقد استخدمت الأشعار أحياناً لغرض تطويل القصة أو للتأثير في السامعين.
القصة الإطارية
شهرزاد وهي تروي حكاياتها للملك شهريار.
تتألف «ألف ليلة وليلة» من القصة الإطارية، والحكايات الفرعية التي تولدت عنها. فالقصة الإطارية الأساسية تدور حول ملك يدعى شهريار الذي قرر أن يتزوج امرأة كل ليلة ثم يقتلها مع بزوغ الفجر وذلك بعد أن عملت زوجته على خيانته، وظل على هذه الحال إلى أن تزوج من شهرزاد ابنة الوزير التي أخذت تروي له حكايات في كل ليلة طمعاً في أن يبقي على حياتها. هناك عدد من الحكايات التي بدورها تتضمن حكايات أخرى، وبالتالي فهي تكون على شكل قصة إطارية للحكايات الضمنية، ويلاحظ أن القصة الإطارية هي حكاية بسيطة تتضمّن القليل من الأحداث والشخصيات، وهذا التركيب البسيط هو الذي جعلها تتصف بميزة القدرة على احتواء حكايات كثيرة فيها، إذ ما تتسم به الحكاية الخرافية عامة هو وجود أجزاء رخوة في الفعل القصصي، يسمح باندراج أفعال قصصية ثانوية في سياقها، تنشأ باستمرار. أما الحكايات الفرعية فهي التي روتها شهرزاد عن رواة آخرين، وهي حكايات عديدة ومتنوعة. كانت شهرزاد تتوقف عن رواية الحكاية في كل ليلة، لتكملها للملك شهريار في الليلة المقبلة إذ أنه عفا عنها.
أسلوب السرد
يعمل أسلوب سرد حكايات «ألف ليلة وليلة» على دفع المتلقي إلى زمنٍ قديم، لذلك كان استخدام صيغة «يُحكى» والتي تعقبها عبارة «والله اعلم بغيبه وأحكم» تعتبر صيغة للتخلص من تبعات نقل النص وسنده ومتنه، بخلاف كتب الحديث والأدب والتاريخ التي اعتنت بهذه الأمور. إذ أن العمل يعتبر نص أدبي متخيل ومصنوع حيث يحمل بين طياته الكثير من الموقف والرؤى والاتجاهات، وباعتباره متخيلاً فإن هذه المواقف هي انعكاس لوجهة نظر منتج النص، لذلك كان الراوي المصطنع وسيلة للتخلص من هذه التبعية حيث يلقى له مهمة السرد والحكي، فلذلك وجِدت صيغة «يحكى أن» التي تحيل إلى المجهول الذي يتحمل كافة المسؤولية عن كل ما سيقال ضمن النص المروي. تبدأ حكاية «ألف ليلة وليلة» على المستوى السردي براوٍ مجهول، جرى تحميله مسؤولية ما سيقال، لذلك كانت «يحكى أن» الأنسب للحيلولة دون أن تلقى المسؤولية على شخص ما. فالفعل يحكىفعل مضارع مبني للمجهول وفاعله غير معلوم، وهذا تمهيد ليتحول السرد إلى راوٍ آخر ولكن ضمن الإطار الداخلي للنص أو القصة التي يعتبر ساردها الكلي غير معلوم. فشهرزاد تتخذ على المستوى السردي دورين، دور السارد الداخلي القائم بمهمة السرد، ودور الشخصية المشاركة في الحدث. إذ أن الحكاية الأولى من حكايات شهرزاد، تتم عبر راوٍ خارجي وهو الراوي المجهول، حيث تبدأ الحكاية بعبارة: “قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان تاجر من التجار …”، فأسلوب السرد هذا يشير إلى أن هناك شخص آخر يتحدث، ولكنه سرعان ما يختفي عندما يظهر صوت شهرزاد تقول: “بلغني أيها الملك السعيد” لينتقل السرد على المستوى العملي إلى شهرزاد. إن السرد الذي تمارسه شهرزاد بعناية وحذر شديدين يعتبر سرد خطير، لأنه يحمل بين طياته موتها الحتمي، ما لم تتمكن من جذب انتباه الملك شهريار إلى حديثها، لذلك فهي تلجأ إلى عبارة «بلغني» وهذه العبارة تخلص شهرزاد من تبعات ما تقول إذ لم يعجب الملك حديثها.
النذير أو التكهّن
هناك بعض الشخصيات أو الأمور الواردة في «ألف ليلة وليلة» والتي تتم الإشارة إليها بشكل متكرر، حيث تبدو غير مهمة عند الإشارة إليها في أول مرة ولكنها فجأة تظهر لاحقاً في السرد. كما أن هناك أسلوب آخر هو الشكل والنمط العام وما يحتويه من تنظيم للوقائع والأفعال والإيماءات التي تشكل السرد وتعطي شكلاً للقصة، وهذا يعمل على جعل المتلقي يتمتع بالقصة ويتوقع كيفية سير الرواية. يعود تاريخ هذه الأسلوب أيضا إلى «ألف ليلة وليلة». شكل آخر من أشكال التكهّن هو أن النبوءة تحقق ذاتها، وهو أسلوب يعود تاريخه إلى قصة «كريشنا» في الأدب السنسكريتي القديم، وهناك اختلاف بينه وبين أسلوب أن الحلم نفسه يتحقق، والذي يعود تاريخه إلى الأدب العربي في القرون الوسطى. العديد من حكايات «ألف ليلة وليلة» تستخدم هذا الأسلوب المتمثل بالتنبؤ بما سيحدث. من أبرز الأمثلة على ذلك قصة “الرجل الذي أصبح غنياً من خلال حلم”، وتدور أحداث القصة حول رجل يُطلب منه في حلمه مغادرة مدينته بغداد والسفر إلى القاهرة، حيث توجد بعض الكنوز المخبأة هناك. الرجل يسافر هناك ولكن لسوء حظه ينتهي به الأمر إلى السجن، حيث يروي حلمه لضابط الشرطة، ولكن الضابط يسخر من فكرة هذه الأحلام، ويحكي للرجل بطل الرواية أنه هو نفسه كان يحلم بمنزل مع فناء ونافورة في بغداد، حيث أن الكنز مدفون تحت النافورة. يتعرف الرجل على المكان كما أنه بيته، وبعد إطلاق سراحه من السجن يعود إلى منزله ويحفر من أجل الكنز. وبعبارة أخرى، فإن الحلم لم يكن توقع للمستقبل فحسب، بل إنه كان سبباً في جعل الأمر حقيقياً. ظهر أسلوب هذه القصة لاحقاً في الأدب الغربي، من بينها عمل باولو كويلو في “الخيميائي”.
التكرار والتجسيد الدرامي
أصبحت الملكة شيرين شخصية بارزة لما عُرِفت عنه من صبر وتفهُّم.
أسلوب التكرار في العمل الأدبي عادة ما يعبر عن فكرة أو موضوع مهم لقصة معينة، وهذا الأسلوب مستخدم في «ألف ليلة وليلة»، الذي يربط عدة حكايات في سياق القصة. حيث اعتمد رواة القصص في حكاياتهم على ربط الشخصيات بشكل متماسك. كما اعتمد الكتاب على أسلوب النمط الموضوعي الذي يعمل على توزيع المفاهيم الموضوعية المتكررة وعن القيم الأخلاقية بين مختلف الأحداث والقصص الإطارية. في الحكايات التي تمت صياعتها بمهارة، وربما تم تنظيم النمط الموضوعي بغرض التأكيد على توحيد الحجة أو الفكرة المتضمنة في الأحداث ولا سيما القصص الإطارية لها. يعود تاريخ هذا الأسلوب أيضا إلى ألف ليلة وليلة أو حتى قبل ذلك. تظهر عدة قصص مختلفة بديلة عن قصة “سندريلا” والتي يرجع أصلها إلى القصة المصرية القديمة “رادوبيس”. حيث يحتوي الكتاب على عدد من القصص وكلها تتمحور حول أخ صغير يلقى مضايقات من قبل أخوين غيورين يكبرانه سناً. في بعض القصص يكون الأشقاء من الإناث، بينما في قصص أخرى يكونون من الذكور. في واحدة من الحكايات والواردة تحت عنوان “جودر التاجر وإخوته”، يختلف فيها الأمر وتحيد عن أسلوب النهايات السعيدة وتختلف عن سابقتها، فقد عُمِل على جعل نهايتها مأساوية بدلاً من ذلك، حيث يتم تسميم الأخ الأصغر من قِبل إخوته.
التجسيد أو التصوير الدرامي هو تقديم شخصية أو شيء ما بوصف مفصّل، أو عن طريق إيماءات وحركات كطريقة من شأنها أن تجعل المشهد وكأنه مرئي للمتلقي. هذه التقنية تعود إلى «ألف ليلة وليلة»، وتعتبر قصة «التفاحات الثلاث» إحدى الأمثلة على ذلك.
أدب الجريمة
احتوى كتاب «ألف ليلة وليلة» في بعض القصص على أسلوب أدب الجريمة في الطرح، حيث يظهر ذلك في قصة “الصبية المقتولة” (وتعرف كذلك بقصة “التفاحات الثلاث”)، فهي تعطي مثالاً على موضوع الإثارة والجريمة، مع الكثير من الحبكة القصصية، والأدب البوليسي. في هذه القصة، يحوز هارون الرشيد على صندوق وعندما يفتحه، يجد بأنه يحتوي على جثة امرأة شابة. عندها يكلّف هارون الرشيد وزيره جعفر بمهمة العثور على الجاني، ويمهله ثلاثة أيام لذلك وإلا فإنه سوف يعدمه. بعد ذلك وفي نهاية الأيام الثلاثة وعندما يكون جعفر على وشك الحكم عليه بالموت لفشله بتنفيذ المهمّة الموكلة إليه، يأتي شخصان ويدعيان بأنهما هما من قتلاها. في خلال روايتهما للقصة يتبين بأنه على الرغم من كون الشخص الأصغر سناً منهما وهو نفسه زوج المرأة هو المتسبب في موتها، فهناك بعض اللوم يقع على العبد، الذي كان قد أخذ إحدى التفاحات الثلاث وتسبب في قتل المرأة. عندها يعطي هارون الرشيد ثلاثة أيام أخرى جعفر لكي يعثر على ذلك العبد المذنب، ولكنه يفشل مرة أخرى في العثور على الجاني، عندها يقرر توديع عائلته قبل إعدامه، ولكنه عن طريق الصدفة يلاحظ بأن ابنته لديها تفاحة كانت قد حصلت من العبد الخاص به “ريحان”، وهكذا يتم حل اللغز.
هناك حكاية أخرى يحتويها الكتاب في موضوع أدب الجريمة وهي حكاية “الخياط والأحدب واليهودي والمباشر والنصراني” حيث كانت مليئة بالإثارة والتشويق ولكن بقالب كوميدي، على عكس حكاية “الصبية المقتولة”، التي كان يغلب عليها طابع لغز الجريمة أو الأدب البوليسي. وملخص القصة التي تجري أحداثها في الصين، تبدأ بالمهرّج المفضل لدى السلطان، الذي تمت دعوته إلى عشاء من قبل الخياط وزوجته. وفي أثناء العشاء يغصّ الأحدب بطعامه من كثرة الضحك، فيخشى الزوجين من غضب السلطان، فيقرران أخذه إلى بيت الطبيب اليهودي وتركه هناك. هذا الأمر يؤدي إلى حكاية أخرى تتمثل بالطبيب اليهودي، حيث وأنه عن طريق الخطأ يتعثر بجثة الأحدب ويقع معه أسفل الدرج، ويجده ميتاً، مما يجعله يعتقد بأن هذا السقوط هو الذي أدى إلى موت الأحدب. ثم تستمر الحكاية هكذا إلى تنتهي باثني عشرة حكاية في المجموع، مما يؤدي بجميع هؤلاء الأشخاص الذين شاركوا في هذا الحادث يجدون أنفسهم في قاعة المحكمة، كل منهم يروي قصته حول كيفية موت الأحدب.
أدب الرعب
تمت الإشارة إلى الغول في عدد من حكايات «ألف ليلة وليلة»، ويرجح بأنه أقدم كتاب موجود يذكر هذا المخلوق الخرافي.
استخدمت الأرواح الشريرة كأداة في العديد من الأعمال الأدبية الخاصة بالرعب وكذلك في الأدب القوطي، إلا أن الأسلوب المستخدم في قصص الرعب ضمن حكايات «ألف ليلة وليلة» يعتبر سابقاً في هذا المجال، فهناك العديد من قصص الجن والعفاريت والمساخيط والملاعين والموتى الأحياء وضحايا تناسخ الأرواح والوحوش والمسوخ والشياطين.
من القصص التي استخدمت هذا الأسلوب حكاية “علي المصري والكنز في بغداد” والتي تدور أحداثها حول منزل مسكون بالجن، حيث يُطلق على ذلك المنزل اسم “بيت الأموات”. كما أنه من المرجّح أن «ألف ليلة وليلة» هو أقدم كتاب باقٍ حتى الآن تتم الإشارة فيه إلى الكائن الخرافي الغول، حيث أن العديد من القصص الخاصة بالغول تكون الأحداث فيها إما بمقابلة الغول أو بمجرد ذكره فقط. بالإضافة إلى وجود عدد من العناصر الأخرى الخاصة بأدب الرعب التي تم استخدامها في حكايات الكتاب، منها ما هو على سبيل المثال في حكاية “مدينة النحاس” والتي تدور أحداثها حول مدينة أشباح. عملت الأساليب والعناصر الخاصة بأدب الرعب في ألف ليلة وليلة على التأثير في أعمال عدد من الكُتّاب، ومنهم هوارد فيليبس لافكرافت الذي ينسب الفضل في بعض إبداعاته إلى “ألف ليلة وليلة”.
الفانتازيا والخيال العلمي
بساط الريح أحد الأمور الخيالية التي برزت في حكايات «ألف ليلة وليلة».
جنِّي المصباح يظهر لعلاء الدين ووالدته.
العديد من القصص الواردة في «ألف ليلة وليلة» تتميز بوجود عنصر الخيال العلمي المتقدم. هناك مثال على ذلك هو “حكاية بلوقيا” التي وردت في الليلة 486، حيث أن مساعي بطل الرواية بلوقيا في الحصول على عشبة الخلود تقوده إلى استكشاف البحار، ورحلة إلى الجنة والجحيم، والسفر عبر الكون إلى عوالم مختلفة أكبر بكثير من عالمه، وقد استخدم في الحكاية عدد من عناصر الخيال العلمي الخاص بالمجرات. كما أنه في طريقه يصادف مجتمعات خاصة بالجن، وحوريات البحر، والحيَّات الناطقة، وكذلك الأشجار الناطقة، وغيرها من أشكال الحياة. وفي حكاية “أبي الحسن وجاريته تودّد”، تكون البطلة فيها تودّد التي تقوم فيها بمناظرة عن عدد من الأمور، ومن ضمنها الحديث عن منازل القمر، والجوانب الخيرة والشريرة من الكواكب.
في حكاية أخرى من حكايات «ألف ليلة وليلة» وبالتحديد حكاية “عبد الله البري مع عبد الله البحري”، يكتسب فيها بطل الرواية عبد الله البري القدرة على التنفس تحت الماء وهو ما يساعده في اكتشاف المجتمع الموجود تحت الماء، حيث يجد بأن ذلك المجتمع مختلف تماماً عن الموجود على سطح الأرض، فهو لا يهتم بعدة مفاهيم مثل المال والملابس فهي لا وجود لها هناك. كما أن هناك حكايات أخرى يتضمنها الكتاب تصوّر مجتمعات أمازونيات التي تهيمن عليها النساء، والتقنيات القديمة المفقودة، وكذلك الحضارات القديمة المتطورة التي ذهبت، والكوارث التي حلّت بها. حكاية “مدينة النحاس” تضم مجموعة من الرحّالة الذي يقومون برحلة استكشافية أثرية عبر الصحراء للعثور على المدينة القديمة المفقودة، كما أن تلك المنطقة كانت تستخدم كمحبس للجن من عهد النبي سليمان، وفي طريقهم وجدوا سكاناً متحجرين، وعدد من الأمور الغريبة الأخرى، المدينة التي أصبحت فيما بعد مدينة أشباح. أيضاً هناك حكاية “الحصان المسحور الأبنوسي” التي تتحدث عن حصان بإمكانه الطيران. بعض التفسيرات الحديثة ترى بأن هذا الحصان هو روبوت. وقد أثرت هذه القصة في عددا من الحكايات الأوروبية، منها ما ورد في حكايات كانتربري من تأليف جيفري تشوسر. تعتبر حكايتي “مدينة النحاس” و “الحصان المسحور الأبنوسي” من الأمثلة القديمة في أدب الخيال العلمي.
بالإضافة إلى أن أدب الخيال والفانتازيا في «ألف ليلة وليلة» استخدم عدد من العناصر والأدوات السحرية مثل «المصباح السحري أو مصباح علاء الدين»، و«الخاتم السحري أو خاتم سليمان»، و«بساط الريح»، وغيرها من الأمور.
مخطوطة محفوظة من «ألف ليلة وليلة»، ذكرت فيها بعض الأبيات.
هناك العديد من القصائد الشعرية في «ألف ليلة وليلة»، حيث أنها تتخلل عدداً من الأحداث في الحكايات، وهي تغطي العديد من الأمور، ولكن أبرزها يكمن في حمد الله وتعظيم أصحاب النفوذ. بالإضافة إلى ذلك تستخدم في تقديم المشورة والتحذير وطرح الحلول، وكذلك التوسل من أجل الرحمة والمغفرة، والتحسّر من القرارات الخاطئة أو سوء الحظ، وانتقاد أسلوب المعيشة، والتعبير عن المشاعر سواء للشخص ذاته أو الآخرين من حوله وتكون تلك المشاعر بجميع أشكالها من سعادة وحزن ونحوها، كما يستخدم الشعر في طرح الأحاجي والألغاز ونحوها من الأسئلة والتحديات. لكن بعض الأشعار تفتقر أحياناً إلى الوزن السليم، وقد استخدمت بعضها لغرض تطويل القصة أو للتأثير في السامعين.
هناك أحد الأمثلة التي يكون الشخص فيه معبّراً عن شعوره بالسعادة، هو ما يرد في الليلة الثالثة بعد المئتين في حكاية الأمير قمر الزمان، حيث يكون واقفاً خارج القلعة يريد إبلاغ الملكة بدر البدور بوصوله، فيلفّ خاتمه في ورقة ويسلمه للخادم الذي يعمل على إيصاله إلى بدر البدور، وعندما يصل إليها تفتحه وترى الخاتم، فتفرح فرحاً شديداً، عندها تنشد هذه الأبيات:
وَلَقـدْ نَدِمْـتُ عَلى تَفَرُّقِ شَمْــلِنا دَهْـرَاً وّفاضَ الدَّمْـعُ مِنْ أَجْفـاني
وَنَـذَرْتُ إِنْ عـادَ الزَّمـانُ يَلُمـُّـنا لا عُـدْتُ أَذْكُــرُ فُرْقَــةً بِلِســاني
هَجَـمَ السُّــرورُ عَلَـيَّ حَتَّـى أَنَّهُ مِـنْ فَـرَطِ مـا سَــرَّني أَبْكــــاني
يا عَيْنُ صـارَ الدَّمْـعُ مِنْكِ سِجْيَةً تَبْكيــنَ مِـنْ فَـــرَحٍ وَأَحْزانـــــي
في الثقافة العالمية
أثَّر كتاب «ألف ليلة وليلة» بشكل كبير جداً على الأدب العالمي، وقد أشار عدد من الكتّاب مثل هنري فيلدنغ ونجيب محفوظ إلى مجموعة قصص «ألف ليلة وليلة» في أعمالهم. بالإضافة إلى كُتّاب آخرون استوحوا أعمالهم من الكتاب، منهم جون بارث، خورخي لويس بورخيس، سلمان رشدي، أورخان باموق، يوهان فولفغانغ فون غوته، والتر سكوت، وليم ثاكري، ويلكي كولينز، إليزابيث غاسكل، شارل نوديه، جوستاف فلوبير، ستندال، ألكسندر دوما، جيرار دي نرفال، آرثر دو غوبينو، ألكسندر بوشكين، ليو تولستوي، هوجو فون هوفمانستال، آرثر كونان دويل، ويليام بتلر ييتس، هربرت جورج ويلز، قسطنطين كفافيس، إيتالو كالفينو، جورج بيريك، هوارد فيليبس لافكرافت، مارسيل بروست، أنتونيا سوزان بيات، أنجيلا كارتر.
هناك شخصيات عديدة وردت في «ألف ليلة وليلة» أصبحت رموزاً بارزة في الثقافة الغربية، أبرز تلك الشخصيات علاء الدين وسندباد وعلي بابا. كما ساهمت بعض من الحكايات في معرفة بعض الأمور التاريخية والجغرافية للمنطقة. بالإضافة إلى الكائنات العجيبة التي أصبحت مادة في القصص الخيالية وأضحت جزءاً من عالم الخيال، وتزيد أهمية تلك المخلوقات حينما تنتمي إلى عصور وأماكن حقيقية. هناك عدد من الأساطير العربية والفارسية شائعة في الفانتازيا وأدب الخيال الحديث، مثل الجن والبساط الطائر والمصابيح السحرية، وغيرها من الأمور. عندما اقترح ليمان فرانك بوم كتابة قصة خرافة حديثة، أزاح عدد من العناصر النمطية، وأضاف عناصر مثل الجني والقزم، فأصبحت صورة نمطية لغيرها من الأعمال.
في سنة 1982 بدأ الاتحاد الفلكي الدولي بتسمية التضاريس الواقعة على إنسيلادوس (أحد أقمار كوكب زحل) تيمنًا بأسماء شخصيات وأماكن من ترجمة ريتشارد فرانسيس برتون لكتاب ألف ليلة وليلة.
في الثقافة العربية
أُطلق اسم “أنس الوجود” إحدى شخصيات ألف ليلة وليلة على جزيرة فيلة. اللقطة لكشك تراجان بالجزيرة.
يعتبر كتاب «ألف ليلة وليلة» من أثمن كتب التراث العربي وأكثرها أهمية، إلا أنه وعلى الرغم من ذلك لم يرد ذكره كثيراً في المخطوطات التي عثر عليها وتعود لما قبل القرن الثامن عشر الميلادي. كانت مكانة أدب الخيال منخفضة بين العرب في العصور الوسطى مقارنة بالشعر الذي كان منتشراً، وهمّشت الحكايات باعتبارها خُرافات.
عمل عدد من كتاب الروايات العربية المتأثرين بألف ليلة وليلة على تجديد وتحديث الخطاب الروائي العربي وإدخال تقنيات متعددة لم تتوقف عند حد معيّن بدءاً من الشخصيات الإشكالية وفضاءات التخييل وأجواء السحر والنسق الزماني والمكاني المتقطع وصيغة الراوي والمخاطب والحواريات الشائقة بين مختلف شخصيات الحكايات. في التاريخ الحديث أصبح كتاب «ألف ليلة وليلة» مصدر إلهام لعدد من الكُتّاب مثل توفيق الحكيم (مسرحية شهرزاد)، وطه حسين (أحلام شهرزاد)، ونجيب محفوظ (ليالي ألف ليلة)، والطيب صالح (رواية بندر شاه). حالياً هناك مساعٍ حثيثة في العمل على إعادة إحياء هذا العمل الأدبي.
كما أن هناك عدد من المواقع التي برز فيها أسماء لشخصيات ألف ليلة وليلة، لعلّ من أبرزها جزيرة فيلة التي أطلق عليها اسم “أنس الوجود” نسبة إلى شخصية أنس الوجود التي ظهرت في حكايات «ألف ليلة وليلة»، حيث ظهرت الشخصية في حكاية «أنس الوجود مع محبوبته الورد في الأكمام». بالإضافة إلى وجود مواقع أخرى تحمل اسم شخصية علاء الدين، حيث توجد “مملكة علاء الدين” الترفيهية في الدوحة التي تم افتتاحها سنة 1994، بالإضافة إلى مشروع “مدينة علاء الدين” في دبي.
تأثيرها على الأدب الأوروبي المبكّر
على الرغم من أن الترجمة الأولى المعروفة لكتاب «ألف ليلة وليلة» في لغة أوروبية ظهرت سنة 1704، إلا أنه من الممكن قد بدأ تأثير الكتاب على الثقافة الغربية قبل ذلك بكثير، ويعود السبب إلى أن الكتاب المسيحيين في العصور الوسطى في إسبانيا ترجموا العديد من الأعمال من اللغة العربية والتي تركزت معظمها في مجالات الفلسفة والرياضيات، ولكن كان هناك أيضاً من بين الأعمال عدد من الروايات العربية، كما يتضح ذلك من مجموعة قصص دون خوان مانويل “الكونت لوكانور”، وكذلك رامون لول في “كتاب الوحوش”. كما تم التعرف على العمل سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، ويبدو أنه بدأ ينتشر خارج إسبانيا. هناك بعض المواضيع والأشكال في “حكايات كانتربري” لجيفري تشوسر التي تشبه إلى حد كبير تلك الموجودة في «ألف ليلة وليلة»، و”ديكاميرون” بقلم جيوفاني بوكاتشيو. كما أن هنالك إشارات في أعمال مثل “نوفيل” لجيوفاني سيركامبي، و”أورلاندو فوريوسو” لأريوستو، بأن قصة شهريار وشاه زمان كانت معروفة أيضاً. كما أن هناك دلائل أيضا بأن القصص انتشرت في البلقان وكانت ترجمة «ألف ليلة وليلة» إلى الرومانية موجودة في القرن السابع عشر، المبنية في الأساس على النسخة اليونانية من المجموعة.
الأدب الغربي من القرن الثامن عشر حتى الآن
نسخة لإحدى كتب الرسوم المصوّرة وتظهر شخصيات من حكايات ألف ليلة وليلة.
نشأت شهرة «ألف ليلة وليلة» الحديثة في العالم الغربي من الترجمة الأوروبية الأولى التي عمل عليها أنطوان غالان، والتي ظهرت سنة 1704. حصدت نسخة غالان نجاحاً كبيراً بين الجمهور الفرنسي، وقد يكون ذلك لأنه تزامن مع رواج للقصص الخرافية في تلك الفترة. هذا النجاح انتشر في جميع أنحاء أوروبا، وبحلول نهاية القرن أصبحت هناك ترجمات لهذا العمل إلى الإنجليزية والألمانية والإيطالية والهولندية والدنماركية والروسية والفلمنكية واليديشية. عملت نسخة غالان على تحفيز عدد من الكُتّاب على تقليد الأسلوب الشرقي، ولكن في الوقت نفسه، بدأ بعض الكتاب الفرنسيين العمل في روياتهم إلى محاكاة ساخرة بأسلوب شرقي سطحي وعملوا على تلفيق عدد من التي يصعب تصديقها، والتي غالباً ما ترد فيه إشارات ضمنية إلى المجتمع الفرنسي نفسه المعاصر لتلك الفترة. من أبرز الأمثلة وأكثرها شهرة هو (كتاب التنوير: Zadig) لفولتير الذي صدر سنة 1748. الإصدارات الإنجليزية للحكايات الشرقية عادة ما يرد فيها عنصر الوعظ، كما أن هناك أعمال مختلفة أخرى من أبرزها رواية (الواثق: Vathek) لويليام بيكفورد سنة 1786، والتي كان لها تأثير كبير على تطور الرواية القوطية. هناك أيضاً للنبيل البولندي «يان بوتوتسكي» رواية (مخطوطة وجِدت في سرقسطة: Manuscrit trouvé à Saragosse) والتي بدأت سنة 1797، التي استوحى فيها الكاتب وبشكل عميق من «ألف ليلة وليلة» مع نكهته الشرقية وأسلوب التسلسل المعقد للحكايات المضمنة.
كان كتاب «ألف ليلة وليلة» هو الكتاب المفضّل للعديد من الكُتّاب البريطانيين في الحقبة الرومانسية والفيكتورية. أشارت بذلك أنتونيا سوزان بيات حين قالت: «برز كتاب ألف ليلة وليلة في الشعر الرومانسي البريطاني وجعل الإبداع بدل البساطة، والخيال بدل المبتذل.». كان صامويل تايلر كولريدج وتوماس دي كوينسي حين كتاباتهم لسيرهم الذاتية قد أشاروا إلى الكوابيس التي جاءتهم بسبب الكتاب عندما كانوا صغاراً. كما كتب أيضاً ويليام ووردزوورث وألفريد تنيسون في أشعارهم عن قراءتهم للحكايات في أيام الطفولة. كما أن عشق تشارلز ديكنز لكتاب «ألف ليلة وليلة» جعله يضفي جو الكتاب على افتتاحية روايته الأخيرة “لغز إدوين درود” سنة 1870. هناك العديد من الكُتّاب اللذين حاولوا إضافة حكاية الليلة الثانية بعد الألف إلى الكتاب، ومنهم تيوفيل غوتيه سنة 1842، وإدغار آلان بو سنة 1850، وجوزيف روث سنة 1939. كما أن هناك عدد من المؤلفين في التاريخ الحديث والمعاصر اللذين تأثروا بكتاب ألف ليلة وليلة، منهم جيمس جويس، ومارسيل بروست، وخورخي لويس بورخيس، وجون بارث.
في السينما والتلفزيون
فيلم «علاء الدين والمصباح المذهل» (1917).
هناك العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والرسوم المتحركة التي استوحت أعمالها كليّاً أو جزئياً من حكايات «ألف ليلة وليلة»، وقد كانت بداية هذه الأعمال مع جورج ميلييس “قصر ألف ليلة وليلة” سنة 1905، وقد برز فيلم الرسوم المتحركة علاء الدين من إنتاج شركة ديزني والذي بدأت سلسلته سنة 1992، ليصبح الفيلم الأكثر شهرة من بين الأعمال التي استوحت قصتها من «ألف ليلة وليلة». كما أن هناك أعمال أخرى منها نسختين لفيلم “لص بغداد”، إحداها سنة 1924 من إخراج راؤول والش، والأخرى سنة 1940 من إنتاج ألكسندر كوردا، ومن بين الأعمال أيضاً «زهرة ألف ليلة وليلة» للمخرج بيير باولو بازوليني سنة 1974.
من الرسوم المتحركة التي ظهرت، الفيلم الكوميدي الأمريكي “ألف ليلة وليلة الليالي العربية” سنة 1959 من إخراج جاك كيني، والفيلم الياباني “ألف ليلة وليلة الليالي العربية” سنة 1969 الذي كان من إخراج أوسامو تيزوكا وإيشي ياماموتو. كما ظهر المسلسل الهندي “ألف ليلة”، وقد عُرض للمرّة الأولى في الفترة ما بين 1997 2002 على التلفزيرن الهندي وهو مستند على قصص من ألف ليلة وليلة. في سنة 2000، تم عمل سلسلة تلفزيونية مصغرة من جزأين تحمل اسم “الليالي العربية”، من إخراج ستيف بارون، استناداً على ترجمة ريتشارد فرانسيس برتون، وقد تبنّت العمل استديوهات بي بي سي البريطانية، وايه بي سي الأمريكية. في سنة 2012، قامت استديوهات “بيغ باد بادو” التي يقع مقرها في فانكوفر بإنتاج مسلسل الرسوم المتحركة “من ألف ليلة وليلة”، ويبث في ثمانين دولة حول العالم.
كما أن هناك عدد من الأعمال العربية التي ظهرت، فمن الأعمال السينمائية المصرية التي قُدّمت، “نور الدين والبحارة الثلاثة” من إخراج توجو مزراحي سنة 1944، و”الفانوس السحري” من إخراج فطين عبد الوهاب سنة 1960، و”ألف ليلة وليلة” من إخراج حسن الإمام سنة 1964. بالإضافة إلى عدد من المسلسلات التلفزيونية العربية، منها المسلسل المصري “ألف ليلة وليلة (عروس البحر)” من إخراج فهمي عبد الحميد سنة 1985، والمسلسل السوري “شهرزاد الحكاية الأخيرة” من إخراج شوقي الماجري سنة 2004، كما أن هناك المسلسل المغربي “ألف ليلة وليلة” من إخراج أنور معتصم سنة 2014، كما عُرض مسلسل آخر يحمل عنوان “ألف ليلة وليلة” في شهر رمضان لسنة 2015 من إخراج رؤوف عبد العزيز.
في الموسيقى
ألهمت «ألف ليلة وليلة» عدداً من الموسيقيين في تأليف قطع موسيقية بُنِيت عليها، منها “خليفة بغداد” التي وضعها فرنسوا أريان بويلديو سنة 1800، و”أبو حسن” لكارل ماريا فون فيبر، سنة 1811، و”علي بابا” التي ألّلفها لويجي شروبيني، و”حلّاق بغداد” لبيتر كورنيليوس سنة 1858، و”التمثال” لإرنست ريير سنة 1861، و”علاء الدين” لهورنمان سنة 1864، و”شهرزاد” لنيكولاي ريمسكي كورساكوف سنة 1888، و”زميرة” لديكران تشوهاجيان سنة 1891، و”معروف إسكافي القاهرة” لهنري رابو سنة 1914، و”جناح علاء الدين” لكارل نيلسن سنة 1918 1919، و”شهرزاد وقصص أخرى” لرينيسانس سنة 1975، و”الليالي العربية” لفكرت أميروف سنة 1979، و”بلا وعود” لآيس هاوس سنة 1986، و”ليلة الليالي” لايزيكيل فيناو سنة 1990، و”علاء الدين” لكارل ديفيس سنة 1990، “ليالي العرب” لكاميلوت سنة 1999، و”الحريم والليالي العربية” لسارة برايتمان سنة 2003، “1001 الليالي العربية” لفرقة Ch!pz سنة 2004، و”الصحراء” لنايتويش سنة 2007، و”شهرزاد” لآبني بارك سنة 2013. بالإضافة إلى عدد من الأغاني التي قُدّمت، منها أغنية “ألف ليلة وليلة” لأم كلثوم سنة 1969.
في الفنون التشكيلية
إحدى لوحات ماكسفيلد باريش.
بعد ترجمة كتاب «ألف ليلة وليلة» عن طريق جالان وما تلاها من ترجمات، كثرت الرسوم التزيينيّة أو التوضيحيّة التي رافقت معظم طبعات تلك الترجمات، وقد عكف على وضع تلك اللوحات رسامون ومصوّرون ونحاتون، لاحقاً انتقل تأثير «ألف ليلة وليلة» على النحت والخزف وغيرها من الفنون، عبر ظاهرة الاستشراق التي نشطت وزاد حراكها، عقب تعرف الأوروبيين على «الليالي».
برز العديد من الفنانين التشكيليين في تصوير حكايات ألف ليلة وليلة في أعمالهم، منهم ديلاكروا، بول كلي، كاند ينسكي، بيكاسو، ماتيس وغيرهم. تناول الفنانين في أعمالهم المساجد والحارات والفروسية والصحاري والطبيعة والإنسان العربي والمدن كالقدس ودمشق والقاهرة وبغداد وبيروت إضافة إلى تصوير القيان والحريم ومشاهد الطرب. سافر الفنان الفرنسي ديلاكروا إلى طنجة ومكناس بالمغرب وإلى وهران بالجزائر ليضفي تفاصيل البيئة العربية على لوحاته، ومن أبرز أعماله لوحة “نساء الجزائر” سنة 1834 من وحي ألف ليلة وليلة، بالإضافة إلى لوحة “الحرية تقود الشعب” التي رسمها سنة 1830، ولوحة “سلطان المغرب” سنة 1845.
كذلك استوحى عدد من الفنانين أعمالهم من «ألف ليلة وليلة»، ومنهم أوجست رينوار، وهنري ماتيس، وإنجر، ودي كامب، حيث رسموا الجواري والجميلات، كما استوحى فان دونجن لوحته “راقصة شرقية”، وشكّل إنج تيسييه لوحات فنية زيتية مستوحاة من شخصية شهرزاد، كما أن هناك اللوحة الشهيرة “الحمّام التركي” للفنان الفرنسي جان آنغر، وكذلك لوحة “الوصيفة الكبرى”، أما لوحة “الوصيفة ذات السروال الأحمر” فهي للفنان ماتيس. كان الرسام الدنماركي كيي راسموس نيلسن ممن تأثر بشخصية شهرزاد، حيث خصّها بلوحة وهي تحكي حكاياتها للملك شهريار، كما رسم عشرين لوحة بألوان الجواش مستوحاة من «ألف ليلة وليلة» في الفترة ما بين 1918 – 1922م، ويتضح في لوحاته تأثره بالمنمنمات الفارسية. من أشهر اللوحات التي جسدت المرأة كذلك لوحة “بعد الشروق في مصر” للمستشرق ويليام هولمان هنت.
أما الرسام والنحات جان ليون جيروم فيعدّ أبرز المستشرقين الذين قدموا إلى الشرق في القرن التاسع عشر ومجموعة رسوماته تتناول أساطير تاريخية إغريقية وشرقية، وقد قام برحلة طويلة سنة 1868 إلى مصر وآسيا الصغرى، وزار في القاهرة الجوامع الأثرية وصور الكثير من العمارة الإسلامية، ولعل أشهر لوحاته المستلهمة من ألف ليلة لوحاته “سوق الرقيق”، و”حمّام الحريم”، و”امرأة شرقية”، ولوحته “الملك كاودوليس”. كما تأثر الرسام الأمريكي روبرت سوين جيفورد بحكاية السندباد البحري عن حادثة كسر بعض التجار لبيضة الرخ الطائر الخرافي العملاق فعمل على لوحته “بيضة الرخ” سنة 1874، وهي بالألوان المائية على الورق ومعروضة في متحف فرانسورث للفن.
قام الرسام هنري جستس فورد برسم لوحته “التاجر والعفريت” سنة 1898 ضمن مجموعة تحتوي على لوحات أخرى توضح الحكايات وهي منفذة بأسلوب الحفر وهي مستلهمة من حكاية تحمل نفس الاسم في حكايات «ألف ليلة وليلة». كما برع الفنان الأمريكي ماكسفيلد باريش في استخدام الألوان وخلق عوالم فانتازية، وفي توظيف اللون الأزرق الذي يميز لوحاته بظلاله المختلفة والمتدرجة من اللازوردي والنيلي والأزرق، وقد ظهرت رسوماته الإيضاحية في كثير من الروايات أشهرها «ألف ليلة وليلة» و«سندريلا».
كذلك الفنان السويسري التجريدي بول كلي الذي تمسك بأسلوب فردي تتفاعل فيه تأثيرات عدة وخاصة الفن العربي، وقد زار تونس والمغرب للتعرف عن كثب على الحضارة الإسلامية، وكشفت مذكراته عن مدى ارتباطه الوثيق بحضارة وسحر الشرق وقصص ألف ليلة، وفي سنة 1928 زار مصر وقام فيها ببعض الدراسات التي كتبها في مجلة (الباو هاوس) بعنوان «تجارب دقيقة في مجال الفن» حيث تحدث عن الضوء والألوان والأحياء القديمة وأثرها في أعماله، كما استفاد من الخط العربي وجمالياته ووظفه في إبداعاته، مثل لوحة “عالم هاربور” التي اعتبرت كأول محاولة أوروبية لتطويع الحرف العربي في الرسم الحديث، مما أثر في الفنان الإسباني خوان ميدو، ويوما يستد، وتوملان وغيرهم. كما استمرت الصور الشعبية المستلهمة من خلال كمية كبيرة من روايات الرحالة والأعمال الأدبية وقصص المغامرات عن النساء والأطفال في ألف ليلة وليلة.
التشكيل العربي
قدّم الفنان السوري سعد يكن ثلاثين لوحة مستوحاة في الأصل من حكايات «ألف ليلة وليلة»، وتمثل إعادة صياغة لقصص ألف ليلة وتختلف عن مفهوم الاستشراق، حيث أنه لم يستخدم فيها زخرفة أو عناصر تفصيلية، وقد حاول تركيب صياغات جديدة للقصص المهمة وذلك من خلال اللوحات ومن خلال النصوص التي كتبها عن ألف ليلة برؤية مختلفة عن الحدث المباشر للحكايات.
أما الفنان العراقي حسن عيد علوان فتقوم لوحاته المستوحاة من حكايات من ألف ليلة وليلة على الخيال، يستخدم في أعماله اللون الزيتي بشفافية فائقة بطريقة تشبه الألوان المائية، وهذه الألوان لا تغطي كامل المساحة، ويستلهم الفنّان الأجواء البغدادية في زمن الازدهار الحضاري بطريقة مختلفة عن أعمال الفنّانين الآخرين.
كما يعتمد الفنان فؤاد جهاد على الحكايات والأساطير في أعماله، والتكوين في لوحاته أكثر تفصيلاً وتعقيداً، كما يستخدم إضافات زخرفية وتفاصيل تخدم جو اللوحة وهدفها في نقل المشاهد إلى أجواء الحضارات الإسلامية الوسيطة والطرز المعمارية السائدة آنذاك، كما يستخدم رقائق الذهب لتعزيز الشعور بالفخامة. أما الفنان العراقي فاروق حسن فأعاد رسم بعض حكايات شهرزاد، كما برزت وداد الأورفلي بلوحاتها التي تروي قصة ألف ليلة وليلة. بالإضافة إلى عدد من التشكيليين منهم عبد العزيز يوسف، وإبراهيم الدسوقي، وعوض الشيمي، وحياة كنونة، وعدلي رزق الله الذي عمل على مشروع ضخم لرسم قصص ألف ليلة وليلة، وغيرهم من الفنانين.MALIIUN BIL XIKAAYAATIL CAJIIBAHكتاب غني بأجمل القصصجميل جداممتاز
كتاب ألف ليلة وليلة رابط مباشر PDF