تنزيل كتاب التحكيم والوسائل البديلة لحل المنازعات دراسة سعودية مقارنة من المعروف أنه يوجد في الدولة ثلاث سلطات: تنفيذية، وتشريعية، وقضائية، وتشكل السلطة القضائية إحدى الدعائم الثلاث التي يقوم عليها الحكم في أي مجتمع، وكرست معظم دساتير العالم الحق الحصري للدولة في حل النزاعات، وذلك عن طريق السلطة القضائية المتمثلة بالقضاة والمحاكم، وعليه، فالدولة من خلال النظام القضائي الذي تنشئه، تتولى وظيفة اجتماعية أساسية تتمثل بتحقيق العدالة بين أفراد المجتمع، وصيانة حقوقهم شكلاً، ومضموناً، وذلك عن طريق حل النزاعات التي تنشأ بينهم، فتقول الحق، وتلزم الناس باحترامه، وتقرر للمتضرر التعويض الذي يستحقه بفضل الأحكام التي تصدرها المحاكم الممتعة بالقوة التنفيذية التي تجعلها قابلة للتنفيذ، ولهذا السبب أحاطت الشرائع والدساتير القضاة والقضاء بهالة من التقدير والإجلال؛ لأن القضاء يعتبر من أهم المرافق وأخطرها في كيان الدولة.
ولا شك بأن القضاء هو الملاذ لكل ضعيف ومظلوم، ومن هنا تتجسد رسالة القضاء في إقامة العدل بين الناس فيما يتعلق بحرياتهم وأموالهم وأحوالهم الشخصية، ولذلك نرى أن جميع دساتير الأمم أقرت باستقلال السلطة القضائية وحصانتها.
وقد قيل مرة لتشرشل بأن الفساد قد ظهر في الجهاز الإداري والسياسي في بريطانيا، فسأل: والجهاز القضائي؟ فقالوا: إنه جيد جداً، فقال: لا خوف على بريطانيا. نعم، لا خوف على أمة تسود فيها كلمة القانون؛ لأن القضاء الصالح المستقل الذي يقول كلمة القانون، يعيد إلى الطريق السوي كل منحرف مهما كانت صفته ومهما كان شأنه.
فالقضاء مهمة خطيرة ومقدسة عند جميع الأمم؛ لأن الخصومة من لوازم الطبيعة البشرية فلو لم يكن هناك رادع للقوي تجاه الضعيف، لاختل النظام وعمت الفوضى، وعليه، فالسلطة القضائية هي الجهاز الذي يحقق الأمن للمجتمع بإقامة العدل، ولا حياة دون أمن قائم على العدل، وهكذا نرى أن وظيفة هذه السلطة أساسية في حياة المجتمع، ووجودها بالتالي حتمي ولا غنى عنه، كما قال ابن خلدون: “العدل أساس الملك”.
وتستمد السلطة القضائية قدرتها على المقاومة والصمود، من قوة أفراد هذه السلطة، أي القضاة، وذلك من خلال تمسكهم بكل ما يعتقدون أنه الحق، واعتقادهم بأن عليهم أن يقولوا كلمة الحق وهم معصوبو العينين، دون النظر إلى أي طرف أو أي مؤثر مهما كان كبيراً، تمسكاً بكلمة الحق، وفي هذا الصدد يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير: “أن أعظم وظيفة يتقلدها الإنسان هي وظيفة القضاء”. وعليه اجتمعت الشرائع والقوانين على وجوب احترام حكم القاضي، وذلك لأنه الممثل لإرادة الشعب.
كتاب التحكيم والوسائل البديلة لحل المنازعات دراسة سعودية مقارنة رابط مباشر PDF