تنزيل كتاب تعقبات الفارسي لشيخه الزجاج في الإغفال دكتوراه في اللغة العربية وآدابها من قسم اللغة العربية بجامعة دمشق
الاختصاص: النحو والصرفأَحْمَدُكَ، اللَّهُمَّ، حَمْدًا كَثيرًا يُنيرُ الْقُلوبَ وَيَغْفِرُ الذُّنوبَ، وَأُصَلّي عَلى نَبِيِّكَ الْكَريمِ مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ محمَّدٍ وَصَحْبِهِ. وَأُسَلِّمُ تَسْليمًا يُجْزِلُ الثَّوابَ وَيَشْفَعُ لَنا جَميعًا يَوْمَ الْحِسابِ.
ثُمَّ أَمّا بَعْدُ، فَهِذِهِ دِراسَةٌ خَصَّصْتُها لِلْكَلامِ عَلى المَواطِنِ الَّتي خَطَّأَ فيها أَبو عَلِيٍّ، الْحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الْغَفّارِ، الْفارِسِيُّ الْفَسَوِيُّ النَّحْوِيُّ، المُتَوَفّى سَنَةَ سَبْع وَسَبْعينَ وَثَلاثِمِئَةٍ لِلْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّريفَةِ (ت377هـ) = شَيْخَهُ أَبا إِسْحَقَ، إِبْراهيمَ بنَ السَّرِيِّ بنِ سَهْلٍ، الزَّجّاجَ، المُتَوَفّى سَنَةَ إِحْدى عَشْرَةَ وَثَلاثِمِئَةٍ لِلْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّريفَةِ (ت311هـ). أَعْني الأَخْطاءَ الَّتي أَخَذَها عَلى شَيْخِهِ في «مَعاني الْقُرْآنِ وَإِعْرابه»، وَجَمَعَها في مُؤَلَّفٍ وَسَمَهُ بِـ«الإِغْفال».
قَصَدْتُ، فيما قَصدْتُ إِلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدِّراسَةِ، أَنْ أَسْتَخْرِجَ المَواطِنَ الَّتي نَصَّ فيها أَبو عَلِيٍّ عَلى خَطَأ شَيْخِهِ أَبي إِسْحَقَ، وَأُصَنِّفَها وَأَدْرُسَها. وَقَدْ كانَ دَفَعَني إِلى هَذِهِ الدِّراسَةِ أُمورٌ، لَعَلَّ أَهَمَّها:
صِلَةُ هَذِهِ الدِّراسَةِ الْقَوِيَّةُ بِكِتابِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ الْقُرْآنِ الْكَريمِ، وَإِعْرابِ آياتِهِ، وَفَهْمِ مَعانيهِ. وَحَسْبي بِهَذِهِ الصِّلَةِ ثَراءً إِعْرابِيًّا وَلُغَوِيًّا.
إِغْماضُ الدّارِسينَ عَنْ هَذا الأَثَرِ النَّفيسِ، أَعْني «الإِغْفال»؛ إِذْ لَمْ يَتَوافَرْ عَلى دِراسَتِهِ، فيما أَعْلَمُ، إِلّا مُحَقِّقا الْكِتابِ. فَلِلْكِتابِ دِراسَتانِ قَديمَةٌ وَحَديثَةٌ، وَهُما دِراسَتانِ مُخْتَصَرَتانِ جِدًّا موجَزَتانِ، وَكِلْتاهُما ضَرَبَتا صَفْحًا عَمّا عُنيتُ بِدِراسَتِهِ هاهُنا.
«الإِغْفالُ» لأَبي عَلِيٍّ الْفارِسِيِّ. وَأَبو عَلِيٍّ هُوَ مَنْ هُوَ في هَذِهِ الصِّناعَةِ، وَجَعَلَهُ( ) غَيْرُ ما واحِدٍ في طَبَقَةِ سيبَوَيْهِ.
وَلمّا كانَ ما أَسْلَفْتُ، رَأَيْتُ أَنْ أُقيمَ دِراسَتي هَذِهِ عَلى «الإِغْفال»، وَأَنْ أُعْنى بِتِلْكَ المَواطِنِ الَّتي نَصَّ فيها أَبو عَلِيٍّ عَلى خَطَأ شَيْخِهِ، وَلا سِيَّما أَنَّ غَيْرَ واحِدٍ ذَكَرَ أَنَّ أَبا عَلِيٍّ كانَ مُتَحامِلاً عَلى أَبي إِسْحَقَ؛ لِسَبَبٍ وَقَعَ بَيْنَهُما.
ثُمَّ لمّا صَحَّ الْعَزْمُ مِنّي عَلى هَذِهِ الدِّراسَةِ، واجَهَتْني صُعوبَتانِ:
أُوْلاهُما ما تَغَشّى أُسْلوبَ أَبي عَلِيٍّ مِنْ غُموضٍ في مَواطِنَ اسْتَوْقَفَتْني كَثيرًا؛ لأَقِفَ عَلَيْها الْوُقوفَ الصَّحيحَ.
وَأَمّا الثّانِيَةُ فَما اعْتَرى غَيْرَ قَليلٍ ممّا طُبعَ مِنْ كُتُبِ التُّراثِ الْعَرَبِيِّ مِنْ ضُروبِ الْخَلَلِ مِنَ التَّصْحيفِ وَالتَّحْريفِ، وَخُلُوِّ نُصوصِها في مَواضِعَ غَيْرِ قَليلَةٍ مِنْ تَفْقيرِ الْكَلامِ وَأَدائِهِ عَلى مَعانيه، وَافْتِقارِ حَواشيها إِلى ما يُنيرُ النَّصَّ وَيُدْنيهِ مِنَ الْقارِئِ؛ كُلُّ أُولَئِكَ جَعَلَ المُقابَلَةَ بَيْنَ هَذِهِ الْكُتُبِ أَمْرًا لا مَفَرَّ مِنْهُ.
أَدَرْتُ دِراسَتي هَذِهِ عَلى تَمْهيدٍ، وَثَلاثَةِ فُصولٍ، وَخاتِمَةٍ:
أَمّا التَّمْهيدُ، فَقَدْ بَيَّنْتُ فيهِ مَعْنى (التَّعَقُّب) لُغَةً وَاصْطِلاحًا، وَتَحَدَّثْتُ عَنْ أَبي إِسْحَقَ الزَّجّاجِ وَتُراثِهِ، وَأَبي عَلِيٍّ الْفارِسِيِّ وَتُراثِهِ، وَأَفْرَدْتُ «الإِغْفال» مِنْ تُراثِ أَبي عَلِيٍّ بِكَلامٍ.
وَأَمّا الْفُصولُ الثَّلاثَةُ فَكانَ الأَوَّلُ مِنْها مُخَصَّصًا لِلْمَسائِلِ النَّحْوِيَّةِ، وَهِيَ سَبْعٌ وَثَلاثونَ مَسْأَلَةً رُتِّبَتْ بِحَسَبِ وُرودِها في كِتابِ (الإِغْفال)، وَالثّاني لِلْمَسائِلِ الصَّرْفِيَّةِ، وَهِيَ ثَماني مَسائِلَ رُتِّبَتْ كَأَخواتِها، وَالثّالِثُ لِسِوى النَّحْوِ وَالصَّرْفِ، وَهِيَ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: سَبْعٌ في النِّسْبَةِ، وَاثْنَتانِ في المَعْنى وَالتَّأْويلِ، وَأَرْبَعٌ في الْعِلَّةِ وَالْجِهَةِ، وَاثْنَتانِ في التَّمْثيلِ، وَواحِدَةٌ في الْقِراءاتِ الْقُرْآنِيَّةِ. عَلى أَنَّ تَرْتيبَ المَسائِلِ في هَذا الْفَصْلِ كَما الْفَصْلَيْنِ السّالِفَيْنِ؛ أَيْ: بِحَسَبِ وُرودِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ في «الإِغْفال». أَمّا تَرْتيبُ أَقْسامِهِ فبِحَسَبِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ في كُلِّ قِسْمٍ. فَمَسائِلُ الدِّراسَةِ، كَما تَرى، إِحْدى وَسِتُّونَ. وَكُنْتُ، في كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذِهِ المَسائِلِ، أَذْكُرُ رَأْيَ أَبي إِسْحَقَ أَوْ قَوْلَهُ فيها، مُشيرًا إِلى جَميع الْفُروقِ بَيْنَ ما قالَهُ أَبو إِسْحَقَ في «مَعاني الْقُرْآنِ وَإِعْرابه» وَما ذَكَرَهُ أَبو عَلِيٍّ عَلى لِسانِ أَبي إِسْحَقَ في «الإِغْفال»، ثُمَّ أَذْكُرُ ما ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو عَلِيٍّ أَوْ قالَهُ، وَأَذْكُرُ، مِنْ ثَمَّ، آراءَ الْعُلَماءِ في المَسْأَلَةِ أَوْ كَلامَهُمْ ما احْتَجْتُ إِلى ذَلِكَ، خاتِمًا كُلَّ مَسْأَلَةٍ بِرَأْيي فيها مَبْنِيًّا عَلى ما سَلَفَ.
وَأَمّا الْخاتِمَةُ، فَضَمَّنْتُها أَبْرَزَ النَّتائِج الَّتي تَمَخَّضَتِ الدِّراسَةُ عَنْها.
كتاب تعقبات الفارسي لشيخه الزجاج في الإغفال رابط مباشر PDF