تنزيل كونية القيم وقدسية الفعل الحضاري في الإسلام أستاذ التعليم العالي بقسم العلوم الإسلامية جامعة محمد بوضياف بالمسيلة تخصص فلسفة العلوم الإنسانية والاجتماعية تراجع مستوى المسلمين الحضاري اليوم تراجعا ملحوظا وهذا التراجع ليس بالتراجع التلقائي الحاصل بمحض الصدفة بل انهيار مؤسس له أسبابه المعلومة، وهذا بدوره أدى الى تغير نظرة العالم للقيم الإسلامية، واعتبارها رؤية قومية ضيقة وغابت مع هذا الرؤية العالمية والكونية للقيم من المنظور الديني الإسلامي، رغم أن الإسلام في عمق نصوصه قدس كل الأفعال الحضارية، ونقصد بالتقديس هنا أنها أخذت مكانة عالية ومهمة في الإسلام، كما قدس الدين الإسلامي الإنسانية، وفق نمط متناسق ورؤية واضحة للأخلاق والقيم، وهذه الرؤية لا يشوبها غموض إلا لمن كان في قلبه زيغ.
ومن هنا حاولت في هذا الكتاب أن أغوص في بعض النصوص القرآنية وبعض الأحاديث التي تجاهلها المسلمون أو قزموها بتركيزهم على الجانب الفقهي فقط واهمالهم للجانب القيمي والحضاري، ويجب أن ندرك أن القرآن الكريم يرضي فضول الفقيه، كما يرضي فضول العالم التجريبي ويرضي فضول المفكر والفلكي والروائي والاديب، وباختصار يرضي فضول كل من يشتغل به، وهو صالح لكل زمان ومكان ويحتوي زخما فكريا لا تحيط به كل العقول مجتمعة، لذا حاولت تسليط الضوء على نقطة هامة تتمثل في أن قدسية الفعل الحضاري في الإسلام مستمدة من كونية القيم التي ينادي بها، فلا يمكن أن نؤسس حضارة وفق قيم خاصة ومتعصبة وقومية، ولا يمكن أن تكون القيم كونية ما لم تقدس الأفعال الحضارية، والتي من جملتها التفكير والحرية والعدالة واحتواء الآخر، وبعث أخلاق التواصل وأخلاق الاختلاف وأخلاق الألفة، وأخلاق المسؤولية والتفاعل مع الآخرين، وحاولت أن أبين كيفية صناعة الإسلام لقوة الحضارة وللحضارة القوية، لتكون هذه القوة الحضارية أساسا للعفو، وهذا ما جاء بعضه واضحا في النص القرآني أو السنة النبوية الشريفة، وبعضه الآخر جاء مستترا، لا يظهر إلا من خلال حركة التأويل العقلي.
وما علينا حتى نحيي ونبعث الإسلام سوى التعمق في هذه النصوص القرآنية فقط، وإعادة فهمها فهما حضارية كتتمة للفهم الفقهي، وعلينا أن نعمل على تفعيل العقيدة الإسلامية وتحويلها إلى أفعال وأخلاق وقيم وممارسات حضارية، وهذا ما يدفعنا الى التساؤل: كيف يتحول التوحيد من مجرد عقيدة الى فعل حضاري واجتماعي وثقافي؟
هذا ما حاولت أن أجيب عنه في هذا الكتاب ويجب أن نعي جيدا أن واجبنا اليوم كمسلمين يحتم علينا إعادة بناء الفهم وإعادة النظر في المقاصد، وتفعيل العقيدة لتشكيل الإسلام الحي الذي يكون أرضية صلبة لنقل القيم الإسلامية إلى العالمية والكونية وهو المراد لها من رب العزة. وأنبه القارئ الكريم أن هذا الكتاب هو تكملة لمشروع الفهم الحقيقي للإسلام الذي تناولته في كتاب خرافة الإسلاموفوبيا.
وأرجو أن يحمل الكتاب أفكارا إيجابية تفيد القارئ، وتكون في مستوى الفهم الصريح والصحيح الذي يرفع من شأن هذا الدين في النفوس.
كونية القيم وقدسية الفعل الحضاري في الإسلام رابط مباشر PDF