تنزيل مـــرايا الآخــــــر نحو نظرية نقدية حداثية عربية معدّلة باحث في تحليل الخطاب الثقافي (الجزائر)صحيح أن ليس معنى النص أو مضمونه ولا مؤثراته الخارجية ما يمنح الأدب هويته، وإنما صياغته وطريقة تركيبه، ودور اللغة فيه هو ما يجعل الأدب أدبا، لكن لب الإشكالية هو أننا عندما بحثنا عن المقصود ههنا من “الصياغة” لم نجد شيئا عدا التعفف من الإرث المعجمي والبلاغي العربي الموسوم ب”التقليدية” عندهم، بما يوحي أن القصد هو الصياغة الواصفة البسيطة التعابير، وهنا تكمن أيديولوجيا القرف غير المبّرر من القيم الفنية البلاغية والجمالية الحقة، يفسرها فقر تاريخي أو ضعف اتجاه مدونتها، مقارنة بمدونة المشرق العربي الغنية؛ يُظهرها لغة مقاربة للركيكة ومولدة وهجينة، وفي هذا الاتجاه تكريس ثقافي نحو مزيد من الهروب إلى الأمام بادّعاء الصياغة وجماليات اللغة! وأين هي؟ بل هو عَي مولّد للغموض.
للنقد الأدبي العربي المعاصر في سعيه نحو تحري الموضوعية العلمية شؤون وشجون حقا، مساكين أهل هذا النقد حقا، وقد حملوا على الجوانب الجوهرية فيه ليحطموها تحطيما تاركين بناءهم الحداثي العلمي الذين شيدوه عورة دون تلك الجوانب الذاتية التي أسقطوها من النص، لكن وطدوها خارجه بينهم وبين أعوانهم وأنصارهم (موكليهم وطلبتهم وساستهم) وذلك هو عطب حداثة العرب اللا يبرأ. فالقيمة الفنية لا تقاس بالقيمة الأخلاقية غير الإنسانية /الدينية، ولا يجب التذرع بهذه ــــ في حداثة المغاربة بالخصوص ــــ من أجل النيل من تلك، لأن القيمة الفنية قيمة تنتج عن ذات حرة الإرادة أو تسعى لأن تكون كذلك، بينما القيمة الأخلاقية الدينية قيمة أيديولوجية تحاول اضطهاد الأولى لما فطِّرت عليها، ولم تحمل جوانحها الفنية الإبداعية والجمالية في غياب الضمير شيئا جميلا تمثّل به العالم، وهذه سنة الطبيعة والكون، ليس جميع المخلوقات يُهابون موهبة حتى بالتفطير أحيانا.
مـــرايا الآخــــــر نحو نظرية نقدية حداثية عربية معدّلة رابط مباشر PDF