تنزيل وجيز.. الحضارة الغربية مريضة وعلاجها بالحسنى فريضة شهادة دكتور في الطب البشري (M.D) كلية الطب البشري، جامعة دمشق، 1985م.
طبيب أخصائي في امراض الأذن والأنف والحنجرة والرأس والعنق وجراحتها،1989م.
ليسانس ودبلوم وماجستير في الدراسات العربية والإسلامية، 2008م
– 2009م -2011م.
شهادة البورد السوري باختصاص أمراض الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها،1440هـ- 2019م.
طبيب أخصائي استشاري وباحث علمي ومحاضر ومؤلف وناشر لعشرات الكتب ومئات المقالات والمحاضرات والدراسات والحوارات والندوات والمؤتمرات العلمية والطبية العامة والتخصصية.. في مختلف المواضيع المتنوعة.إن الحضارات القديمة والمعاصرة والمستقبلية هي عناصر للملحمة الإنسانية منذ فجر التاريخ إلى نهاية الزمن بشكل حلقات مترابطة ومتراكمة توحد المسير التاريخي والواقعي البشري على الكوكب الأرضي مرة نحو السلام والهداية والتعارف الدولي حيث يسير الإنسان باتجاه أحسن تقويم، ومرات نحو الحروب والفتن وقهر البلدان ونهب الخيرات، فيعمل الإنسان باتجاه أسفل سافلين، ولكن تبقى جهود الشعوب والحكماء والعقلاء تصبو إلى السمو والرقي والتعاون العالمي.
ونحن نبحث موضوع الحضارات وتداولها بين الأمم ضمن مشروعنا الفلسفي العمراني التوازني معتمدين على منهجية علمية مرنة في معاملة القضايا الحضارية والأفكار الفلسفية والأهداف الثقافية بحيث تنوس هذه المنهجية المرنة ما بين الواقعية الاجتماعية الدولية والطموحية الحضارية العمرانية لأننا نشعر ونحس ونعقل بأن البشرية جمعاء تعيش في حالة طوارئ يجب الإسراع في إسعافها وإنقاذها، وعندما نقول بأن الحضارة الغربية مريضة فلا يعني هذا إننا أصحاء حضارياً وإنما الواقع العالمي والدافع العربي- الإسلامي يحتم علينا رفع مستوانا الحضاري والثقافي لكي نحسن التفكير ونجيد التدبير ونقوي مناعتنا بحيث نحرر أنفسنا من التخلف وأرضنا من الاحتلال عندئذ نقوم بدور الري للشعوب المتحضرة أي نقدم لهم المبررات الحياتية الجديدة التي تنتظرها المجتمعات المتقدمة، إذ بمقدار ما نرتفع إلى مستوى الحضارة بمقدار ما نصبح قادرين على نشر الرحمة والعدل والسلام للعالمين لأن حضارة الصاروخ والحاسوب حققت المعجزات في عالم الأشياء ولكنها فقدت السعادة في أعماق النفوس فنجد الإنسان في الدول الصناعية يصبح إما وحشاً مفترساً ينقض على كل ما يستطيع سرقته حتى من أفراد شعبه الذي يحويه أو يصبح حيواناً تائهاً في الخمارات أو مدمناً على المخدرات أو ينتحر على الرغم من كل الضمانات الاجتماعية والمالية التي تقدمها بلاده له أو يتحول إلى إنسان إرهابي مجرم كحال الإرهاب الأمريكي حيث تقرر الإحصائيات الأمريكية إن الولايات المتحدة شهدت منذ عام 1980 حتى عام 2000م حوالي 325 حادثاً إرهابياً منها 247 حادثاً من الإرهاب الكارثي الداخلي الأمريكي الصنع و88 حادثاً في الطابع الدولي بينما نلاحظ الحالة المرضية أكثر على المستوى العالمي فمع نمو العولمة زاد تركيز الثروة واتسعت الفروق بين البشر والدول اتساعاً عظيماً، فهناك 358 ملياردير في العالم يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه 5،2مليار من سكان الأرض، وإن 20٪ من دول العالم تستحوذ على 85٪ من الناتج العالمي وعلى 84٪ من التجارة العالمية ويمتلك سكانها 85٪من مجموع المدخرات العالمية، فنموذج الحضارة الغربية- وبتحليل المؤلفين الأوروبيين أنفسهم- لم يعد صالحاً لبناء المستقبل والدعاية الأوروبية والأمريكية المفرطة لهذا النموذج كانت جزءاً من الحرب الباردة بين الأمم ولهذا يجب وضع هذا النموذج حسب آراء الأوروبي مارتين وشومان في كتابهما فخ العولمة- في متحف الأسلحة القديمة لأنه يعود إلى عصور منقرضة وأدى إلى التدهور الاقتصادي والتدمير البيئي والانحطاط الثقافي على المستوى العالمي .
إن اعتبار (الحضارة) الغريبة مريضة أتى من الباحثين الأوروبيين والأمريكيين أنفسهم فالأمريكي د.بيلي غراهام في كتابه سلام مع الله يقول: (.. لقد وقعنا أسرى أفكارنا الخاصة مقتنعين بكمالها وصحتها حتى لم يعد ممكناً أن نرى سبب مرضنا وعلاجه.. إن حضارتنا تسير بسرعة هائلة مقتربة من نهايتها ويجب أن نبادر إلى العثور على منفذ إلى النور، دعني أخبرك أين نحن؟ ماذا نحن؟
إننا أناس فارغون، رؤوسنا محشوة بالمعرفة، لكن نفوسنا فارغة وأرواحنا هزيلة..) .
أما الأمريكي آل جور في كتابه الأرض في الميزان يصف حضارته بأنها اختلت وظائفها وتعيش في أزمة حضارية شاملة وأمام هذه الأزمة الحضارية نجد أنفسنا في السياق الحياتي والاجتماعي والدولي العام وكأننا في صورة تفاعلات كيميائية لعوامل ثقافية وعناصر حضارية متنوعة تتم في إناء مغلق هو الكرة الأرضية في المجموعة الشمسية وهذا يفرض علينا الإسراع في استنهاض المجتمع والبدء بمشروعنا الحضاري لإنقاذ أنفسنا والعالم بحيث نوجه التفاعلات الحيوية والعلاقات الدولية بين مختلف الأجناس والشعوب والثقافات باتجاه السلام والعمران والعدل لمنع تدمير الكوكب الأرضي ثم البدء التمهيدي التكويني للانطلاق الكوني لجعل الحياة البشرية متعددة الكواكب، فنحن شهداء على الناس عندما نكون بالمستوى الحضاري الرفيع بحيث نمتلك رسالة إنسانية وأمانة كونية لنحقق الرحمة للعالمين.
نبحث الحضارة الغربية في حلوها ومرها ضمن مشروع الفلسفة العمرانية التوازنية التي تحلل وتدرس آليات التعارف والتعاون بين الشعوب وتعبر عنها بشكل علمي وفلسفي ضمن قوانين متعددة ومبادئ عملية تمت صياغتها منطقياً ورياضياً وبيانياً وقدمت الأدلة والبراهين عليها من الواقع والتاريخ بهدف بناء المستقبل البشري بحيث يحدث الانسجام والتوازن بين ظاهرة الحضارة وظواهر الحياة والبيئة والكون…
وفي هذا الكتاب ندرس الإنجازات العلمية والتقنية للحضارة الغربية ونحلل عوامل قوتها وضعفها حسب مقياس جديد يعبر عن قوة الحضارات وهو التقوى أساس الرقي الحضاري الذي يتميز ويتقدم إنسانياً وعلمياً على جميع المقاييس المتداولة حالياً كدخل الفرد السنوي ومقدار استهلاكه للطاقة.. فهو يؤكد على ضرورة توفر كل الحاجات المادية والمعنوية والثقافية والروحية لكل الأفراد في المجتمعات وبالتالي تتحقق التنمية الإنسانية الشاملة.
ونبحث ضرورة المعالجة بالحسنى وعوامل تحقيقها وميزات رسالة العربي والمسلم للعالم من قبول الآخر ونصرة الحق ورحمة الخلق والعمل على إجراء الحوار الحضاري الهادئ بين الأمم والثقافات، ولكي يتم إزالة الأحقاد ورفع الظلم التاريخي والواقعي على الشعوب يجب تصنيف برامج وجداول مفصلة وموثقة عن الأضرار والخسائر التي سببها الغرب العليل المتوحش السخيف خلال الفترة الاستخرابية اللصوصية الخبيثة (الاستعمارية) بكافة أنواعها ثم مطالبته بدفع كامل التعويضات المالية والمادية والعمرانية والمعنوية لكي يقدم براءة ذمته أمام الشعوب والأجيال وهذا يؤدي إلى إنقاذ السفينة الدولية وجعلها تبحر باتجاه الخير والأمن والسلام العالمي.
إن (الحضارة) الغربية أعطت البشرية أروع معالم التقدم العلمي والازدهار التكنولوجي بفضل تطوير الخبرات المتراكمة عبر التاريخ للعقل الجمعي العلمي البشري لكل الثقافات والحضارات لاسيما الحضارة العربية والإسلامية.
ولكن هذا التطوير التقني العلمي الغربي كان مصحوباً ولمدة قرون عديدة بالقرصنة ونهب خيرات الشعوب الضعيفة والحروب والمجازر الوحشية بدءاً من إبادة الهنود الحمر المسلمين في قارة أمريكا الشمالية والجنوبية وتجارة العبيد في أفريقيا قديماً إلى دويلة إسرائيل اللقيطة في فلسطين المحتلة وتجارة البشر حديثاً ونشر الخراب والدمار والخونة والمرتزقة واللصوص في العالم لا سيما بعض الدول العربية والإسلامية كالشام والعراق واليمن ولبنان.. لتشريد عشرات الملايين من الناس وتدمير بنية بلدانهم التحتية وسرقة خيراتهم ولصق العملاء والخونة والسفهاء والأدناس والأنجاس.. في قيادة وإدارة الحكومات لديمومة شلال التخلف والفقر والجهل والقهر والبؤس والظلم..
وهنا يكمن مرضها الخارجي الذي يعكس تهافت العقل الغربي الأوروبي والأمريكي وإفلاسه فكرياً وفلسفياً وأخلاقياً، وبالتالي عجزه أن يكون له دور قيادي على مستوى العالم وإن أظهر للناس في الأرض عضلاته (قوته العسكرية ) فهذا يدل على أزمته الحضارية وعجزه الثقافي لأنه من المعروف تاريخياً بأن القوة تستطيع أن تنتصر بعض الوقت ولكن انتصارها لا يدوم لأن قانون الوجود على مستوى الحياة والمجتمعات والأمم يؤكد بأن القيادة والسلطة هي للجهاز العصبي (قوة الأفكار وحكمة الحوار والتعارف بين الشعوب) وليس للجهاز العضلي، ولا نريد أن نحقر قيمة الغرب ولكن نأسف بأنه لا يزال يبني تقدمه العلمي بقوة العضلات والأظافر والأنياب والقنابل.
وعند تأمل مسار الحضارة الغربية من حركة الاستعمار الأوروبي والحروب التي اشتعلت بين القوى الأوروبية خارج حدود أوروبا في القرن العشرين وهي جميعاً تكشف عن الصراعات وكذلك شهد القرن التاسع عشر تكالباً أوروبياً في السيطرة على قارة أفريقيا، وفي القرن الثامن عشر اشتبكت بريطانيا مع فرنسا في معارك ضارية امتدت ساحتها من أراضي كندا وصولاً إلى الهند، وفي القرن السابع عشر كانت هولندا تتحدى إسبانيا على جانبي الكرة الأرضية وفي جزر الهند الشرقية، وفي القرن السادس عشر راحت كل من البرتغال وإسبانيا تتوسعان في الكرة الأرضية وفق معاهدة بينهما صاغها البابا إسكندر السادس سنة 1494م بحيث يقتسم الطرفان الإسباني والبرتغالي العالم خارج حدود أوروبا وذلك وفق خط وهمي في المحيط الأطلسي على أن تسيطر إسبانيا على الأراضي الواقعة غربي هذا الخط وأن تهيمن البرتغال على الأراضي الواقعة شرقه وعند هذا البحث التاريخي أعمق في الزمن نجد أن الغرب مريض إنسانياً وثقافياً على مدى عشرين قرناً منذ اليونان قديماً حتى أمريكا حديثاً حيث كان هم الإسكندر تحويل العالم كله إلى أرض يونانية، لغة وثقافة ونظماً باسم (التنوير) فمن لم يكن يونانياً فهو بربري وعندما ورثه قياصرة الرومان وانتشرت الثقافة الرومانية بنفس المفهوم العنصري اليوناني فقد قاومت أفريقيا الهيمنة الرومانية فيما عرف باسم الصراع بين روما وقرطاجة، وفي العصور الحديثة في الغرب نجد نفس الجوهر المريض الغربي حيث المعيار المزدوج:
البناء في داخل الغرب والهدم خارج الغرب فالعقل والعلم والحرية والديمقراطية في الداخل بينما الأسطورة والخرافة والقهر والنهب والاستعمار في الخارج فتحطمت القيم الغربية على حدود الجغرافيا وأصبحت أدوات للسيطرة والتبشير والخداع وخلق طبقة منبهرة بالغرب باسم العلمانية والتنوير والحداثة والعقلانية والعلم بهدف شق الصف الوطني واستمرار الصراع واستنزاف الطاقات الاجتماعية لجعل التنمية متخلفة وتابعة للغرب، وقد وصف المفكر محمود محمد شاكر الغزو الأوروبي للعالم العربي الإسلامي بأنه (..كان غزواً أقل ما فيه هو الجيوش وأبلغه افتراساً هو التجارة وأفتكه بالإنسان هو التبشير) .
ومن الأمثلة على تمكن الاستعمار من التفريغ الفكري لبعض المثقفين العرب ومن الأمثلة على استطاعة الاستعمار الغربي صياغة بعض المفاهيم والأفكار في بعض عقول المثقفين العرب لجعلهم تابعين للظاهرة الاستعمارية بدرجات ومواقف مختلفة تتراوح بين دعوة صريحة لاستمرار الاستعمار وبين دعوة للالتحاق بالغرب ونبذ الشرق فنجد طه حسين في كتابه مستقبل الثقافة في مصر يقول (نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يكره).
بينما المدعو القرد العميل سلامة موسى في كتابه اليوم والغد يقول: (ينبغي أن لا يغرس في أذهان المصري أنه شرقي، فإنه لا يلبث أن ينشأ على احترام الشرق وكراهية الغرب، وينمو في كبرياء شرقي ويحس بكرامة لا يطيق أن يجرحها أحد الغربيين بكلمة ثم يتابع فيقول: الرابطة الشرقية سخافة والرابطة الدينية وقاحة والرابطة الحقيقية هي رابطتنا بأوروبا) .
وهذه أمثلة على تمكن الاستعمار الغربي في هندسة صناعة العقول لتكوين الشخصية المستسلمة لفرض الهيمنة الفكرية الاستعمارية على المدى القريب، ولصياغة عقول النخبة المثقفة التي تحمل ثقافة الغرب كمشروع مستقبلي بديل عن الثقافة الوطنية يخدم المصالح الاستعمارية ضد الشعوب في البلاد النامية..
ولهذا ايجاد تعايش ثقافي وتعاون حضاري وتعارف دولي بين الشعوب، واحترام الانسان وحقوقه حقيقة وليس دعاية، ومحاولة انقاذه ومساعدته في أي مكان، والاعتقاد العملي بأن صرف تكاليف صنع صاروخ واحد عابر للقارات مثلاً من قبل أحد الدول – الكبرى في الإرهاب – لمساعدة الانسان سوف ينقذ حوالي مليون طفل مشرد في هذا العالم، ومن الجدير بالذكر هنا قول أحد فلاسفة الغرب (بأنه إذا أصرت الحضارة الغربية على أحاديتها وتفردها فسيبقى الانسان يعيش نوعين من البؤس: البؤس الروحي في الغرب والبؤس المادي في الشرق، ولذلك لابد من الحوار الحضاري المتبادل لحل الأزمة), كل هذا وغيره نأمل أن يتحقق لتأمين حياة أفضل للإنسان أينما كان.
والله الحكيم العليم الخبير العزيز القوي العدل السلام الرحيم الجبار القهار.. الموفق.كتاب هام جدا وقيم جدا للجميع ولكل العالم جزاكم الله خيراهام وقيم للجميع جزاكم الله خيرا
وجيز.. الحضارة الغربية مريضة وعلاجها بالحسنى فريضة رابط مباشر PDF