تنزيل إبراهيم عيسي .. مشاغب بدرجة ضعيف جدا أستاذ الفلسفة بجامعة أسيوط- مصري الجمسية هناك إعلاميون مشاغبون في مصرنا الحبيبة يتمتعون بمواهب لا تنكر، وبطاقة إعلامية حقيقية تفرض علي الجميع بأن يكون هذا الإعلامي أحد الأسماء الهامة واللامعة في إعلامنا المعاصر، وأن يسهم بسقط وافر في بناء هذا الصرح، بحيث تكون اللبنات الفكرية والأدبية والسياسية التي يضعها تكون بمثابة الأساس الذي يبني عليه الكثيرون (سواء من تلاميذه، أو من مشاهديه) مشاريعهم الفكرية، ورؤاهم الإعلامية في واقعنا المعاصر، وأن يكون ليس مجرد إعلامي يدعي أنه نذر حياته للبحث عن الحكمة متذرعاً بمبادئ الحق والخير والجمال.
علاوة علي أن هذا الإعلامي المشاغب في نظري يجب أن يتمتع بصفات أخري منها : أن يكون مغامراً لا يحدّه خوف، ومناضلاً لا تتعبه خيبة، ومقاوماً لا تكسِره شراسة الأيام، وأن يخوض بمفرده أشرس المعارك الفكرية، وأن يتحمّل ما يكفي من معاناة أزهرت في ما بعد كتباً لم تكن في الحسبان؛ بحيث يكون سلاحُه الاحتراف والاشتغال على الذات، وأن يكون صاحب فكر إعلامي متّقد انتهج النقد سبيلاً، والتجديد أسلوباً، والكشف عن المنسي هدفاً، وألا يكون لديه القدرة في التواصل البنّاء مع المتلقّين من حوله، وألا يرضي بالبكاء على الأطلال، ولا التغني بنهضة سبقت، إنما يُسنّ قلمه ويُنهض بنفسه في حراك لا يهدأ سفراً، وبحثاً، وإنتاجاً، وأن يكون له حركةٌ هادرةٌ لا تعرف الراحة، وأن تكون لديه القدرة علي الدورانٌ في المعنى، والاستنطاق المستدامٌ الذي لا يعرف السكون، وأن يكون هو جيشٌ من الفعلة هو، وأن يكون مبدعاً في أكثر من مجال؛ وكأنه مركز أبحاث، أو خلية نحل لها استراتيجية خاصة بكل يوم، تنجزها وتنتقل إلى أخرى متّجهة نحو حقل أبعد.
والسؤال الآن : هل الإعلامي الكبير والكاتب الصحفي الأستاذ إبراهيم عيسي تنطبق عليه مزايا الإعلامي المشاغب كما أبرزتها ؟
أتصور أن بداية الإجابة ترتبط بمدى التغير الجذري الذي يمارس به الإعلامي دوره في الحياة الفكرية في عصره، ومدى الأثر العميق الذي يحدثه فى مجرى الحياة الفكرية التي ينتسب إليها، من حيث قدرته على خلخلة الثوابت الجامدة وزعزعت الأفكار السائدة، وتأسيس نوع من الانقطاع الابستمولوجى بين المعارف الإعلامية القديمة من جانب، والمعارف الإعلامية الجديدة من جانب آخر، مستهلاً الجديد الجذري الذي يطرح سؤال المستقبل بقوة على الفكر الإعلامي ، نفياً لتقاليد الأتباع وتأسيساً لقيم الابتداع.
وتتجسد في حضور هذا النوع من الإعلاميين نقاط التحول الحاسمة في تاريخ الفكر الإعلامي، حيث ” لا توجد استمرارية فى منهجية الإعلامي، بقدر ما توجد قطائع واستحداثات لا تنتهى”.. هذا النوع من الإعلاميين يهب على مجتمعه بما يشبه العاصفة الجائحة التى تتغلل في كل الأركان، فلا تبقى شيئاً على حاله الذى كان عليه، حتى في دائرة القوى والتيارات المناقضة والمناوئة للتحول والتغير. فحدة العاصفة التجديدية التي تندفع بها رؤية هذا الإعلامي لا تقل عن الاتساع الممتد لتجلياتها، والأثر العميق لمتولياتها، والتغلغل الناتج لنوافذها؛ خصوصاً إذا كانت اللحظة التاريخية مهيأة للتغير الجذري, دافعة إليه ومتجسدة فى الرؤية الشاملة للإعلامي، ومتحققة بها فى الوقت نفسه.
عندئذ يكون الأثر التجديدي لإنجاز هذا الإعلامي شبيها بالزلزال، الذي يحدث تأثيراً جذرياَ في صميم بنية العلم الإعلامي السائدة، وتكون حدة الاستجابات المتعارضة لهذا الإنجاز التجديدي في تتابعه المتصل أو تصاعده المستمر، متوازية مع عمق الأثر الذى يتركه في مجالات فلسفية كثيرة، تصل بين دوائر عديدة تشمل المجتمع بأسره.
إبراهيم عيسي .. مشاغب بدرجة ضعيف جدا رابط مباشر PDF