تنزيل أثر آراء الخوارج في الفكر الإسلامي المعاصر أستاذ مساعد عقيدة وفلسفة بجامعة الأزهرأي خلاف عقائدي ، أو سياسي ، أو فقهي ، حدث بين الفرق الإسلامية في القرون الأولى لا بد أن تنسحب آثاره على المدارس الفكرية بعد ذلك بصورة أو بأخرى .
فالمدرسة العقلية مثلا – ممثله فقهيا في الأحناف وعقائديا في المعتزلة – ما زالت آثارها تمتد في العصر الحاضر في صورة من صور الفكر الإسلامي المعاصر ، وكذلك مدرسة الأثر – ممثلة في أهل الحجاز–لا يزال لها صور تطبيقية – تقل أو تكثر– في العصر الحديث.
والخوارج من الفرق الإسلامية التي كان لها دور فكري وسياسي في القرون الأولى لا يمكن إغفاله أو إهماله ، وكان لآرائها في ذلك العهد صدي بعيد .
لذلك فإنني قد رأيت أن تكون رسالة التخصص ” الماجستير” بعنوان: [ أثر آراء الخوارج في الفكر الإسلامي المعاصر ] ، وقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع جملة مــن الأسباب منها ما يلي:-
أولا:
أن الأمة الإسلامية مرت في عصرها الحاضر – وخصوصا في العقدين الأخيرين بجملة من الأحداث والفتن أثرت على مسارها ، وأعاقت حركتها ، وعرضتها لفتن عديدة، كان من الممكن أن تتجنـب الأمة ذلك كله بأن تتبع مسار تاريخها الفكري،لأن فتن العصر الحاضر هي صورة متكررة لفتن العهد الأول ، والقرآن الكريم حيـن يعرض آراء مخالفة ويرد عليها فإنما يتوجه الحديث إلي المسلمين جميعا عبر امتداد الزمان ، وكما يقول ولي الله الدهلوي: ” لا ينبغي أن يظن عند تلاوة القرآن الكريم أن جداله ومحاجته كانا مع أناس قد انتهوا وانقضوا ، كلا ، بل إنه بحكم ما جاء في الحديث {لتتبعن سنن من كان قبلكم} ، ليست هناك من فتنة في عهد الرسالة صلى الله على صاحبها وسلم إلا ولها نماذج وأمثلة في عصرنا هذا ” .
ثانياً:
أن أحدا لم يتطرق – فيما أحسب – إلى تأثر الفكر الإسلامي المعاصر بآراء الخوارج جملة ، وذلك بأن تدرس آراؤهم ، ويتم إسقاطها على الواقع المعاصر ، ولم يتعد ما كُتب في هذا الموضوع أن يكون جزئيات ، كتأثر فكر “الحاكمية” المعاصر بشعار الخوارج ” لا حكم إلا لله” ، أو تأثر فتة التكفير في العصر الحديث بنشأته عند الخوارج – كما سأعرض في حديثي بإذن الله تعالى .
فكانت الحاجة ماسة إلى استعراض آراء الخوارج جميعها ، وبيان مدى تأثر الفكر المعاصر بها ، وهل ثمة تشابه بين الحاضر والماضي ، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون توافقا في الرؤى أدى إلى توافق في الأحكام والنتائج ؟
ثالثا:
في يقيني أن أي فكر يحمله فرد أو جماعة يحمل بين ثناياه الصواب والخطأ ، فليس الصواب المحض حكرا على فئة معينة ، وليس الخطأ المحض صفة لطائفة غيرها ، لكن قد يغلب صواب هذا على خطئه ، ويتوارى صواب ذاك أمام خطئه ، وأن أمثل أسلوب لمواجهة أي فكر هو عرضه بما له من حسنات، وما عليه من سيئات، مع النظرة المحايدة ، والنقد البناء ، والمنهج الواضح ، حتى يتبين للأمة سبيل الصواب فتتبعه ، وتعرف سبيل الخطأ فتتنكبه .

أثر آراء الخوارج في الفكر الإسلامي المعاصر رابط مباشر PDF

رابط التحميل