تنزيل تحميل كتاب أشباه المثقفين أم أنصاف المتعالمين PDF مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةالثقافة ليست درجةً جامعية، أو رسمية، وليست علما بكل شئ، الثقافة هي الفعالية الفكرية والأدبية والفنية، الثقافة إعراب عن الحياة، ومطلب كمال، وكمال الإنسان وعي إنسانيته، صحيح أن الإنسان يتحرك بعمق في المجال الثقافي الذي يألفه، وفي جو البيئة الثقافية التي ينهل منها، ويعي مقتضياتها. إن الثقافة جهد يشارك فيه البشر قاطبةً، وهي الجسر الذي يصل الطبيعة بالحضارة، التي هدفها في نهاية المطاف الغاية الحضارية التي يريدها الإنسان لعالمه ووجوده في الأرض.
وهنا أود أن أتساءل: لماذا طال غياب مثقفينا ؟ لماذا أصبحنا نعاني من عدم وجود نخب حقيقية غير مزيفة تقود المجتمع الى التغيير الحقيقي لواقع ما عاد يصلح إطلاقا لمعارك المستقبل؟
في اعتقادي أن السبب في ذلك يرجع إلى انسحاب بعض المثقفين الحقيقيين تحت وطأة المقولة المهلكة ” مفيش فايدة ” وسيق بعضهم إلى حيث المصالح الشخصية الضيقة ، بينما استمر البعض يكافح ويناضل حتى الرمق الأخير ، لكن الآن الدولة غير الدولة والزمن غير الزمن ، كما أمتلئ واقعنا المعاصر بأنصاف المثقفين أو أشباه المتعالمين بعد ثورات الربيع العربي في أواخر 2010 ، والذين يقال عنهم لا هم بمثقفين ولا هم بجهلة، وللأسف في أيامنا هذه كثُر هؤلاء ممن يدعون الثقافة ، وأصبح الجميع علماء وخبراء ومحللين.. يفهمون في شتى مجالات الحياة، يدركون كل شئ، حتى باتوا خطرًا يداهمنا كل لحظة تمر علينا مع انتشار
ولذلك هناك مفهوم خاطئ شاع كثيرا بين الناس مفاده أن المثقف هو من حصل على فرصة التعليم الثانوي الجامعي والعالي ، ويرجع وجه الخطأ في هذا المفهوم الى أن الثقافة ليس لها حدود ولا تنحصر في نطاق محدد كالمدرسة والجامعة والمجتمع .. فالثقافة تحتاج إلى المزيد من القراءة والاطلاع والتعرف على ما يحدث حولنا من جديد ومتغيرات وتحولات ، والتعلم كذلك يحتاج إلى الممارسة والقراءة .
بيد أنه مع الأسف الشديد في مصرنا الحبيبة الكثير من حملة الشهادات الثانوية والجامعية ، بل والأدهى من ذلك حملة الشهادات العليا الذين تنحصر معارفهم في حدود ضيقة جدا لا تتجاوز ما تعلموه في مناهج التعليم الثانوي والجامعي .
وفي أحد جوانب صورة المشهد الثقافي السائد برزت الى السطح ثقافة الانترنت التي اذا ما استخدمت بطريقة خاطئة فإنها ستولد التشتت وعدم القدرة على التركيز والفهم بسبب كثرة وزخم المادة الالكترونية المتناثرة في هذا الموقع وذاك وتعدد مصادرها ، فاذا ترك طالب الثقافة والعلم العنان لنفسه في تصفحه دون تنظيم أو رؤية محددة تثري معلوماته فسوف يفقد قدرته على استيعاب وفهم ما يقرأه .
علاوة علي أن أنصار وسائل التواصل الاجتماعي وتنوعها، يطلقون على أنفسهم مدونين ويوتيوبرز، فيقدمون محتوى ضعيفا ومبتذلا مثل كيف يقضون يومهم ومسابقات لسرعة التهام الطعام، ما يساعد على تشويه العقول وتحويل المجتمع إلى سطحي مادي، لا تعنيه قيم ولا تعليم ولا ثقافة.. كل ما يهتمون به هو زيادة عدد متابعيهم لتحقيق الأرباح..
كذلك شهد مجتمعنا المصري مثقفون يلعبون في ملعب السطحية وادعاء المعرفة بكل شيء، ومحاولة الهروب من المواجهة في حالة السؤال عن مصادرهم، التي اقتبسوا منها معلوماتهم، فتراهم يلتفّون على الأمر بعدم إعطاء الجواب، بل لديهم القناعة بأنهم وصلوا لمرحلة «كفى قراءة، كفى بحثا، كفى سؤالا» وما الحاجة إلى السؤال ما دام أنه مثقف يوهم نفسه بأن له شأنا، فتراه دائما مشاكسا في كل شئ، معترضا على أي معلومة أو فكرة لا تتفق مع آرائه وأهوائه، متهما الأطراف الأخرى بالجهل والتخلف، هؤلاء يطلق عليهم «أنصاف المثقفين»
فنصف مثقّف هو مَن قرأ مقدّمات وخواتيم الكتب، دون أن يكلّف نفسه في أن يبحر في تفاصيلها، فصار يتكلم بالعولمة والفلسفة والطبّ، في قرارة نفسه هو لا يعلم ماذا يفعل، وأمام الناس والمجتمع تصبح شخصيته الشكلية مثقفاً مرموقاً فارغاً من مضامينه المعرفية، فنصف المثقف يستطيع خداعك بمصطلحاته التي لا يفقه هو نفسه مضامينها، فتراه يتكلم باصطلاحات المحللين الاستراتيجيين والصحفيين، لكنه متخبّط في فحواها لا يفهم لها معنى، وغالباً ما نضطر إلى تصديقه، لأنه يتكلم بلسان المحلّل أو الصحفي، فلا نستطيع – كعوام – أن نعرف إن كان حقاً متعلماً أم جاهلاً لم يصل بعد ثقافة الجهل؟!

تحميل كتاب أشباه المثقفين أم أنصاف المتعالمين PDF رابط مباشر PDF

رابط التحميل