تنزيل تحميل كتاب إبراهيم الجبالي مجددا ومفسرا عصريا pdf مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةيعد الشيخ إبراهيم الجبالي ابن الشيخ العلَّامة الجليل إبراهيم حسن يوسف الجبالي، أحد أبرز دعاة الإصلاح الاجتماعي ، وكان من أفاضل رجال العلم في بلدته، ويرجع إليه في الشؤون الدينية وغيرها ، وكان يعتمد منهج الإصلاح الفكري الأصيل ، وقد وصل إلى أعلى المناصب الأزهرية العلمية عميدا ووكيلا وشيخا لثلاثة من المعاهد ، كما عضو كما يقول الجوادي في مجلس الشيوخ في أول تشكيل له بعد استقلال مصرنا الحبيبة ، وكان كاتبا متميزا للمقال الاجتماعي الهادف ، وقد عرف هذا الشيخ العظيم على نطاق مجتمعي واسع باتزانه الخلقي وتضلعه العملي ، وقد اتضح هذان الخلقان فيما كان يعرضه من الآراء المتقابلة ، إذ كان يوفي كل وجهة نظر حقها من الاستدلال والترجيح توفية تامة ، وإن لم يمل إليها ، فقد كان نموذجا للأمانة العلمية الحقيقية ، وكان يعرض الرأي المخالف دون اقتضاب تاركا القارئ حرية الاختيار .
علاوة على أنه كانت للشيخ الجبالي مكانة عظيمة بين أنداده ، وقد عده أقرانه وتلاميذه أفضل العلماء في تناول المسائل الفلسفية والعقيدية التي شغلت الرأي في الربع الثاني من القرن العشرين ، وقد انفرد وتفوق في مجالين وجه لهما عنايته فساعداه على سعة أفق نادرة : أثر السياسة في نشأة الفرق الإسلامية من المتكلمين ، وأثر الضيق الفكري في نشأة خلافا علم الفقه ، وفي هذين الانجازين وغيرهما كان قادرا على فهم وتأصيل وجهات النظر المختلفة والتوفيق بينهما من أجل الإصلاح .
كذلك كان الشيخ إبراهيم الجبالي أحد العلماء البارزين الذين أسهموا في كتاباتهم بنصيب وافر في نشر الثقافة الإسلامية وخدمة الدين ومن العلماء الذين سار له ذكر في مجال تفسير القرآن الكريم بمجلتي نور الإسلام (الأزهر حاليا) وهدي الإسلام، كما كان وليد عصره فقد اهتم يعرض وعلاج مشكلات مجتمعة من ماكينة من تفسير، ولم يحفل الشيخ كثيرا بالتفسير بالمأثور بأنواعه الأربعة اللهم إلا إفادته من إلا إفادته من الحديث النبوي الشريف في توضيح معنى ما يستنبطه من الآية فقط ، فتفسيره من التفسير بالرأي الموشى بقليل من الأثر، وعن منهجه في أسباب النزول فهو منهج جدير بالنظر و الاعتبار بل والإتباع حيث إنه قائم على التأصيل أولا ثم الاستفادة منه في خدمة مقصورة الأنظمة من كتاب الله ولذلك كان يكتفي في سبب النزول بموضوع الشاهد فقط وإذا ورد في الآية أكثر من سبب حاول الجمع بينها وأحيانا كان يغفل سبب النزول.
ولم يعن الشيخ إبراهيم الجبالي كثيرا بالقراءات فيما كتبه من تفسير فلم يورد إلا ما يخدم تفسير كتاب الله ولذلك كان يوجهها تفسيريا مغفلا عزوها لأصحابها ما لا يفيد كثير من كتاب الله، وأكثر الشيخ الجبالي من التفسير بالرأي إلى الحد الذي عد بل ما كتبه من تفسير ضمن التفاسير بالرأي المحمود.
ولد الشيخ إبراهيم الجبالي بناحية الرحمانية مركز شبراخيت من أعمال مديرية البحيرة في غرة المحرم سنة ١٢٩٥ﻫ الموافق ٥ يناير سنة ١٨٧٨م، فاعتنى المرحوم والده بتربيته التربية المنزلية المؤسسة على الصلاح وتقوى الله، ولما شب على ذلك، وأتم تلك التربية على ما يرام بما يتفق مع أصول الدين الحنيف، وبدت عليه سيما النبل والذكاء والشغف العظيم إلى ارتشاف العلم والتبحر في الدين، لما كان يبدو عليه أثناء اشتغاله بحفظ القرآن الكريم على يد أصلح المشايخ الذين اختارهم المرحوم والده؛ لتغذيته بلبان الدين الحنيف وتثقيفه بما يتفق مع روح العصر الحاضر عملًا بالقول المأثور: «علموا أبناءكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم».
وعندما الشيخ إبراهيم الجبالي بدأ عليه ذلك وقد أتم حفظ القرآن التحق بتلك الجامعة الإسلامية الكبرى ينبوع العرفان، ومصدر نور العلم في الشرق الذي هو مهد العلوم والمعارف، ومسقط رأس بني الإنسان، ألا وهو الأزهر الشريف، وذلك في ١٥ شوال سنة ١٣٠٧ﻫ، فسار في الأزهر بخطوات واسعة، ووثبات عظيمة في سبيل العلم حتى كان لا يهنأ له زاد، ولا يلتفت إلى شيء ما غير العلم الذي استلذ مذاقه، ووجد فيه أطيب غذاء لروحه ونفسه العالية إلى أن حصل على الكثير من العلوم وفنونها، ونال أعظم شهادة دينية ألا وهي شهادة العالمية من الدرجة الأولى في ١٨ ربيع الثاني سنة ١٣٢٢/ يوليو سنة ١٩٠٤م، وكان هذا النجاح الباهر والتفوق النادر مدعاة إلى تعيينه مدرسًا بالأزهر على أثر ذلك، فكان أعذب منهل ينهل منه ويعل حتى صار موضع حديث الخاص والعام من العلماء لا يذكرون اسمه إلا مصحوبًا بكل تجلة واحترام وإعجاب، ولما كان من أكبر المقاصد التي دعت إلى مشيخة علماء الإسكندرية هو إيجاد نظام متقن للتعليم الأزهري، يتمشى مع روح العصر الحاضر، ويتفق والحياة الجديدة للأمة ويضمن بقاء زمن ميزة التعليم الأزهري، وهي تقوية الملكات وتربية المدارك، وتنبيه قوة التأمل والبحث، فانتخب لذلك أربعة من أفاضل المتفوقين من العلماء عرفوا بالرجحان في الذكاء والقوة في العلم؛ ليواصلوا الجد والتفكير مع شيخ المعهد، على أن يتوصلوا إلى نظام يقوم بتلك الحاجة، فكان المترجم أول من انتخب لذلك مع إخوانه، ونقل إلى مشيخة علماء الإسكندرية في سنة ١٩٠٥م، وبفضل بحثهم هذا توصلوا إلى وضع هذا النظام الذي يسير عليه معهد الإسكندرية، وقد أنتج النتائج الملموسة التي حققت تلك الفكرة العظيمة، وجرب في معهد طنطا فأنتج النتائج المرجوة، فعمم في جميع المعاهد وهو ذلك النظام المتبع الآن مع بعض التعديل، واستمر بهذه المشيخة يعمل على إعلاء شأنها إلى صفر سنة ١٣٢٠ﻫ/يناير سنة ١٩١٢م، حيث عين مراقبًا للتعليم بها، فأظهر من الحزم واليقظة ما جعل حالة المشيخة في تلك المكانة من الكمال.
وقد اتصف الشيخ إبراهيم الجبالي بصفات خلقية وخلقية ساعدته على التبريز والتفوق والارتقاء في سلم المجد والرفعة والشهرة لسمعته، فقد كان ذا قامة فارعة وجسم مليء وملابس فضفاضة وصوت جهوري.. أما الصفات الخُلقية فهي الرحمة باليتامى، قوة الشخصية والهيمنة على المكان بالعلم والأدب وقوة الذاكرة والارتجال في الكلام، حسن اغتنامه للوقت، كرمه وحبه الشديد للعلم والعلماء تواضعه العلمي الشديد.
وفي صفر سنة ١٣٣٨ﻫ/نوفمبر سنة ١٩١٩م ندب الشيخ إبراهيم الجبالي للتدريس بالجامع الأزهر، ولمراقبة قسم الوعظ والإرشاد وعهد إليه بتعليم الوعظ والخطابة به، فكان الروح الفعالة التي انبعث منها ذلك الرقي العلمي، وهذا التقدم العظيم؛ ولذلك عين شيخًا للمعهد العلمي الديني بأسيوط، وكان ذلك في الثالث عشر من المحرم سنة ١٣٣٩ﻫ الموافق ٢٦ سبتمبر سنة ١٩٢٠م، حتى يرقى به ويجعله يسير في طريق التقدم إذ كان ذلك المعهد من المعاهد الصغيرة، التي كانت بالدرجة الثالثة يعلم فيه علوم القسم الأولى فقط، وكان عدد من يحويه من الطلاب هو ٣٥٤ طالب فقط، فلم يمض به السنتين حتى صار ذلك المعهد العظيم، وأصبح يموج بالطلاب الذين بلغ عددهم ١١٧٢ ونقل إلى الدرجة الثانية، وبه من العلماء خمسون عالمًا وأصبح في صف معهدي الإسكندرية وطنطا؛ لأن الأزهر وحده هو المعهد الذي بالدرجة الأولى، حيث تدرس به العلوم العالية وقد أحرز الطلبة والعلماء ميزة المرتبات المستحقة لأمثالهم في المعاهد الأخرى، التي كانوا محرومين منها قبل ذلك.
وقد جعل الشيخ إبراهيم الجبالي للطلاب مساكن خاصة يقيمون فيها مجانًا في مكان فسيح طلق الهواء، وكان ذلك أثرًا من الآثار الحسان التي استفادتها البلاد من الزيارة الملكية، وتشريف الركاب العالي بلاد الصعيد جعل الله عهده الشريف أبرك عهد سعيد آمين، وعندما رأى ذلك صاحب الجلالة سر كثيرًا وأنعم على المترجم بكسوة التشريفة العلمية من الدرجة الثانية، وكان ذلك في ٩ أكتوبر سنة ١٩٢١م، وفي ٢ ربيع الأول سنة ١٣٤٢ﻫ/١٢ أكتوبر سنة ١٩٢٣م، نقل إلى معهد الزقازيق؛ ليجعله في تلك المكانة العظمى التي امتازت بها المعاهد الأخرى على يدي فضيلته، ولما كان هذا المعهد لم يتم إنشاؤه ندب لرياسة التفتيش بالأزهر والمعاهد الدينية الإسلامية، فقام بما عهد إليه خير قيام وفي ٢٣ فبراير سنة ١٩٢٤م عين عضوًا بمجلس الشيوخ مع بقائه بوظيفتيه العلميتين بالمعاهد مشيخة معهد الزقازيق ورياسة التفتيش بالأزهر والمعاهد، وما ذلك إلا لنبوغه النادر وإحسانه لكل عمل يسند إليه، وثقة صاحب الجلالة مولانا الملك، فأنعم به وأكرم وحق لمصر أن تفاخر به أكابر العلماء بجميع الأقطار عامة.
وحدث أن فضيلته استقال من عضوية مجلس الشيوخ، فرأت الحكومة أن تسند إليه وظيفة علمية سامية؛ لتنتفع بمواهبه العالية فوافقت اللجنة المالية ومجلس الوزراء على مذكرة المعارف بتعيين فضيلته مفتشًا بوزارة المعارف العمومية من الدرجة الثالثة الفنية، على أن تكون مهمته الإشراف على أمور التعليم الديني، وسائر الشؤون التي لها علاقة بالمدارس، التي تؤلف منها الجامعة الأزهرية الكبرى.
وقد خلَّف الشيخ إبراهيم الجبالي آثارًا علمية نافعة، منها: شفاء الصدور بتفسير سورة النور، وآداب اللغة العربية، وحقيقة الإسلام ومحاسنه، وله مقالات في علوم القرآن : الأول بعنوان الكلام في ترجمة القرآن والثاني بعنوان النسخ .. هذا وللشيخ الجبالي مقالات في غير التفسير وعلوم القرآنكما تتلمذ على يديه جماعة من كبار العلماء، منهم: العلامة المحدِّث الشيخ أحمد محمد شاكر، والشيخ محمد رجب البيومي.. وقد توفي الشيخ سنة 1370هـ / 1950م.

تحميل كتاب إبراهيم الجبالي مجددا ومفسرا عصريا pdf رابط مباشر PDF

رابط التحميل