تنزيل تحميل كتاب علي زيعور رائد سيكولوجيا الذات العربية PDF مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةأنا واحد من المؤمنين بأن الأستاذ الدكتور” علي زيعور”- يعد أول من أدخل في علم النّفس والاختبارات الذاتيّة إلى دار الإذاعة في ستينات القرن الماضي ، وإلى المجلّات اللبنانيّة الّتي كان منها: طبيبك، الآداب، رسالة التّربية، العلوم، المعارف. يُعدّ أوّل من كتب في التّحليل النّفسيّ والصّحة النّفسيّة ….. قال بصقل وتزخيمِ مدرسةٍ عربيّة راهنة في كلٍّ من النّفسانيات والفلسفات وعلم الاجتماع.
صحيح أنّ الدكتور” على زيعور” انطلق من دراسة مجتمع محلّي، ولكنّه وضع ذلك داخل إطار المجتمع العربيّ الّذي لا يختلف كثيرا عن هذا المجتمع المحلّي الّذي درسه. ورأى أنّ دراسته يمكن أن تُعمّم على التّحليل الشّامل للمجتمع اللّبنانيّ، ومن ثمّ إلى التّعميم أيضا على المجتمع العربيّ والنّفسيّة العربيّة الّتي رآها واحدة أو متشابهة في سائر المجتمعات العربيّة والحضارة العربيّة، الّتي كانت هاجسه الأساسي، للارتقاء بها وجعلها أمّة رائدة كما كانت في مجال الحضارة العالميّة، وبالأصحّ إلى العودة بها إلى مرتبة الصّدارة، كما كانت في أيّام العبّاسيين والأمويين، ومن قبل عند بداية انتشار الإسلام.
ويرى صاحب “التحليل النفسي للذات العربية” أن الفلسفة الغربية اليوم لديها معاناتها، لا سيما مع الدين، الذي تعانده ولكنها تتدرج نحو “اللاهوت العلماني” (Secular theology) عند نهاية الشوط. يذكرنا كلامه هذا بالتنظيرات التي أرساها عدد من فلاسفة “ما بعد العلمانية”، الذين باتوا على يقين بأهمية إيلاء الأديان مساحة أرحب في تنظيراتهم، بعدما ظنوا أن الله في الغرب خرج من التاريخ إلى غير رجعة؛ غير أن التحولات في أنماط المنظومات الإيمانية وحضور المتدينين في الفضاء العام، والحديث عمّا يطلق عليه “الأديان البديلة”، يحتم تعميق الفهم الفلسفي حول هذه الظواهر الجديدة.
ويعتبر الدكتور” على زيعور” أن توجه الحضارة الغربية بقفزات كبيرة نحو التكنولوجيا أفقدها “روحها” وأن الفلسفة ستكون السبيل وطريق الخلاص الذي سيواجه “الرَّقمانية”، ملاحظاً من جهة أخرى أن سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على الأفراد ويومياتهم أدت إلى اضعاف الروابط الاجتماعية وبرود المشاعر الإنسانية وإلى ولادة ما يطلق عليه “الإنسان التكنولوجي” بخصائصه الجبّارة الاستكبارية والمغطرِسة حيال ما آل إليه موقعه الجبَروتي في الوجود والمعرفة والتكنولوجيا.
وُلِد” على زيعور” (مع حفظ الألقاب) في بلدة عربصاليم في إقليم التفاح جنوب لبنان عام 1937، مال الدكتور زيعور نحو العلم ومظاهره في وقت مبكر، فبدأ يلتفت نحو تأسيس مكتبة خاصة به انطلاقًا من كتب أخوته، وعمل على الحفاظ عليها على الرغم من الرأي السائد في المنزل، والذي يسعى إلى بيعها وإحراقها، وهذا الانفتاح على العلم والثقافة، جعل من الدكتور زيعور متعدد المواهب؛ حيث قال : أنا مهتم بالفنون الجميلة والموسيقى بالإضافة إلى الأدب”، فعمل زيعور على الرسم بالريشة والألوان لوحاتٍ انطباعية تصورّ مناظر الطبيعة الريفية كالجبل، والتلال، وضفاف النهر، والأشجار، وصخور النهر وغدران، والجلالي والوعر والقاطع. ومن الاهتمامات الفنية المبكّرة كان اهتمام زيعور بالتلحين السماعي لمقطوعات شعبية كان يكتبها بنفسه. ثم كانت الجامعة الأجنبية عاملًا وفّر شروطًا للانفتاح على الفن في العالم. وكتب علي زيعور قبيل دخول الجامعة، وأثناء الدراسة في الجامعة، بضعة قصصٍ قصيرة تروي الحبّ”.
وكانت لزيعور تجربة شعرية، زمن الشباب خصوصًا، لم يخرج بها في دواوين إلى العلن. قد يكون الكامن وراء هذا الانكفاء الشعري ما ساد في العالم العربي من وضع الشعر على الهامش لصالح العلم والصناعة والفلسفة والمنطق الرياضي وغيرها من أنواع العلوم الوضعية: “والمرض أو التخلخل الذي أحدثه الرئيس العصابيّ والسلطة الفصاميّة كما القهرية والبارانويائية. غيّبنا، أخفينا تقديرنا العالي للشعر، فترات متفاوتة وفي لحظات ذبولية حضارية، وحين تقهقر المعنويات والنرجسية، لأنّ الذات العربية فقدت الشعور بتقبل الذات، وبصورة إيجابية بناءة عن الوجود والعقل والحاضر.
وبعد انتهاء المرحلة الثانوية، انتقل زيعور إلى دار المعلمين، ودرس فيه من العام 1954 حتى 1957، وكانت مرحلة غنية بالنسبة إليه، يتكلم عنها بحنين، وتحضر في مرات متعددة في حياته، فعلى صعيد المعرفة، بقي زيعور حاملًا همًّا ثقافيًّا معترضًا على أساتذته، في سنة 1962، يُلاحظ مع مرور الزمان الدراسي الجامعي بروزُ اهتمامات أوسع؛ هنا صدرت: الفلسفة في القصة والشعر(المعارف، تشرين الثاني – كانون الأول)؛ برتْرانْد رسِّل (المعارف، شباط)؛ سيكولوجية المعجزة [= الخرافة] اليونانية (العلوم، نيسان)، مذهب ابن سينا التربوي (العلوم، تشرين الأول)؛ الأثر الشرقي في الفلسفة اليونانية – مترجم عن ش. فرنر (المعارف، تموز – آب).
بعد ذلك، سافر زيعور إلى فرنسا، حيث تابع تخصصه، وتحضر في ذكرياته عن هذه المرحلة مواقف حول شخصيات عايشها، ففي أثناء إقامته هناك، تعرف على عدد من شخصيات منها حسن حنفي، الذي عرفه عليه عوني بسيسو، الذي قدمه له: “حسن حنفي أسكت المستشرقين….؛ تفوق عليهم وهو ليس عميلًا للمخابرات، وعند اللقاء به بعد ثلاثين عامًا، اكتشف: “حسن حنفي نمط استنباطي… لقد كانت المعلومات التي عندي، في ملف الذاكرة وأغصانها، أنّه على العكس، رأيت حسن حنفي يهتم بالإعلامي، وحياة الفكر المنفتحة المتمدّدة، وإلقاء الذات في أحضان المؤتمرات، ولكن زيعور لا يبقي هذا الموقف دون محاكمة وإن كانت غير مباشرة عبر قوله: إن كان حنفي، بحسب ما قال لاووست، منشئ فرقة إسلامية هي الرابعة والسبعون، فإنّني مؤيّد له، ومن أتباعه. لقد قدم حنفي، بحسب ما أعرف بإعجاب وتقدير له، نظرًا عقلانيًا أو فكرًا شمولانيًا استطاع أن يستوعب ويتجاوز. لكأنّه التقط من أعلى، ويتكلم عن لقائه بفهمي جدعان من الأردن ومحمد أركون الذي يحتفظ بذكريات عنه فيها الكثير من علامات الاستفهام. ولا ينسى بطبيعة الحال من تلقى التعليم على يديهم في فرنسا لا سيما مدام غواشون.
ثم عاد زيعور إلى لبنان، وبدأ العمل بالتدريس في الجامعة اللبنانية تاريخ الاختصاصات النفسيّة بعد الـ 1970 -1971 أي العام الأول من العمل في الجامعة اللبنانية. وقد نشَر في السنوات الثلاث الأولى: كتاب “مذاهب ُعلم النفس والفلسفاتُ النفسانية”، وترجم “تاريخ علم النفس”، وظهرَ له “التحليل النفسي للذات العربية…”، وهي كلّها كتبٌ كانت الأولى بالعربية في لبنان.
ولكن علي زيعور لم يرضه التعليم، وكان دائم الميل لملاحقة حلمه بإعادة تأسيس منهج ورؤية جديدة في الفكر العربي – الإسلاميّ، لذلك لم يستطع أن يستسيغ العمل الجامعيّ، وكان يعمل دائمًا للتخلص منه: “شكوت مرارًا، واستمعت مرارًا للشكوى، من مرارة الدخول إلى قاعدة التدريس الجامعيّ التلقينيّ، التكراريّ، الإلقائيّ، لذلك انتقل بالتعليم بين أرصدة متعددة من الهنديات إلى الفلسفة الوسيطة والقديس أوغسطين، بالإضافة إلى الجماليات دون أن ننسى الحكمة العملية ومدارسها المتعددة. وكان لزيعور شرف تعريف الجامعة على القطاعات المنسية في الفلسفة الإسلامية المتمثلة بالقطاع الفارسيّ، حيث أدخل صدر الدين الشيرازي والدواني وغيرهم والقطاع العثماني والقطاع الهندي.
وثمة نقطة جديرة بالإشارة هنا أود أن أشير إليها ، ألا وهي أنه إذا كان البعض يقولون أن وعى النهضة وعى حالم ولكن هل لذات “قلقة” “متوترة” “مضطربة” أن تحلم ؟ هل لذات “مسجونة” “مقفلة” “منفصمة” أن تدخل عالم الحرية أن تحلق في سماء الوعى والنهوض ؟..نحن هنا في العالم النفسي للذات العربية في “الهو العربي “بكل أمراضه ، مكبوتاته، محرماته ، نرجسيته، سنعريه لنخرج ما به من “عوارض” “علل، علنا نصل إلى لحظة التعافي والانطلاق .
وهنا نجد أنه عندما حاول زيعور أستاذ التحليل النفسي ، فى كتابه “التحليل النفسي للذات العربية ” وضع هذه الذات على آريكة التحليل النفسي وجدها ذات مصابة بالقلق ، منجرحة ،متوترة لاحظ إضطرابها بلا أدنى صعوبة ، وجدها مقهورة بتسلط الأقوياء، فاقدة للثقة التي تعتبر أساس الصحة النفسية والانفعالية ، هي شخصية فاشلة على صعيد التكيف مع بيئتها ، تشعر بالنقص والدونية مع الغير، ذات متضخمة بإرثها التاريخي المتوارث ، بكل ما به من خرافات ،معتقدات ،أساطير، قصص ، روايات .
وهنا يرى زيعور أن هذا الإرث الذى يشكل اللاوعى العربي ، لابد من استكشافه ، لأنه أصل السلوك والتفكير، وبالتالي أساس الخلل في الصحة النفسية ، مشيرا إلى أن الشخصية العربية مجردة من الذاتي خاضعة إلى ما هو عمومي ، زيعور يرى أن الأيديولوجيات العربية تعانى انشطارات في الذات، ففي الوقت الذى تحتقر فيه الآخر تقدس ذاتها بل تنرجسها لذلك فهذه الأيديولوجيات لا توفر النضج النفسي والانفعالي للإنسان العربي .
كما يرى أن الاقتصاد العربي اقتصاد منجرح ، لأنه غير كاف لا يطمئن على المستقبل ، يجرح الصحة النفسية الاجتماعية للفرد فهو من ضمن أسباب أزمة الذات العربية المضطربة دائما حيث يبدو جليا، “الصراخ” بأن لا شيء أنبل ، ولا أعظم أو أعمق ، من العمل الذي يخدم المعذب في لقمته وحريته. وليس في الثقافات كلها قطاع أقرب للإنسانية، ولمهام الإنسان، من الفكر الذي يحرث ويزرع لمحاربة القواهر الاقتصادية ، ولتعزيز اللقمة الشريفة للإنسان العربي المنجرح في راهنه ومستقبله على حد قول زيعور .
تحميل كتاب علي زيعور رائد سيكولوجيا الذات العربية PDF رابط مباشر PDF