تنزيل تحميل كتاب ناصيف نصار وإشكالية فلسفة السلطة PDF مفكر مصري استراتيجي متخصص في قضايا فكرية وثقافية عديدةيعد الدكتور ناصيف نصار (م 1940) واحدا من كبار المفكرين اللبنانيين المعاصرين الذين عرفوا بمحاولاتهم للتنظير لتحقيق الاستقلال الفلسفي للفكر العربي المعاصر بالمعنى القومي، وبمحاولتهم للتنظير للعلاقة بين الفلسفة والأيديولوجيا ولمفاهيم السلطة والحرية والأمة والحضور التاريخي.
قال عنه د. أحمد عبدالحليم :” إن ناصيف نصار من أبرز رواد التفكير الفلسفي في لبنان, وهذا لا يقلل من جهد جيل سابق عليه: شارل مالك وماجد فخري وهشام شرابي وكمال الحاج ومهدي عامل وحسين مروة ومعن زيادة وغيرهم على اختلاف توجهاتهم الفلسفية التي تختلف عما قدمه نصار في سمتين: ارتباط جهودهم بتاريخ الفلسفة أو ارتباطها بمذهب فلسفي غربي من جهة, وزيادة اهتمامهم بقضايا اجتماعية وسياسية وقومية تغلبت على اهتمامهم بالتأسيس الفلسفي النظري من جهة ثانية. فالريادة هنا ليست ريادة زمانية, فالجهود الفلسفية لها تاريخها في لبنان سابق على جهد نصار. إلا أنه يختلف عن هذه الجهود في استمراره طيلة ما يقرب من أربعة عقود مركزا جهده في الفكر الفلسفي النظري الخالص أستاذًا وعميدًا, وكاتبًا ومحاضرًا, وناقدًا ومنظرًا. وهذه الريادة تؤكد أيضا, إضافة إلى جهده وجهد الجيل السابق عليه جهد الجيل الحالي ذي الحضور اللبناني والعربي, وهو حضور يعود الفضل فيه إلى نصار, يتمثل في تبني أساتذة مرموقين لأفكاره.
ولد الدكتور نصّار في بلدة نابيه، في المتن الشمالي، في 1940. بعدما نال شهادة دكتوراه الدولة في الفلسفة من السوربون في 1967 عن أطروحته “الفكر الواقعي عند ابن خلدون”، علّم في الجامعة اللبنانيّة من 1967 حتى 2005. عيّن عميداً لكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة وعميداً لمعهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبنانية. شارك في تأسيس وإدارة الجمعيّة الفلسفية العربيّة (مقرّها عمّان) عام 1987، وشغل منصب نائب الرئيس. نال جائزة مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافيّة للدراسات الإنسانيّة في 1999. ونال «جائزة الدكتور منيف الرزاز للدراسات والفكر» التي تمنحها «رابطة الكتاب الأردنيين» العام 1995.
وحول سؤال السلطة نجد أنه ليس سؤالا هينا ، فلنتأمل حجم الجدل الفلسفي بصدده ، لقد ظل هاجسا فلسفيا : التفكير فيه ملازم للتفكير في موقف الإنسان ، فهو علاوة على ما يطرحه من استعصاءات كمفهوم نظري ، له جانب عملي جلي ، وبالأخص من حيث مستتبعات القول به في علوم معيارية من قبيل ، السياسة والأخلاق ، طالما أمكن اعتباره أحد مستوجبات تدبير الحياة المشتركة بين الأفراد ؛ ويبدو أن ناصيف نصار ، انتبه لمسيس حاجة السياق الفكري العري الإسلامي إلى ” فلسفة السلطة” ، حتى لا يبقي رهين استهلاك ما أنتجه القدامي والمحدثون من ناحية، وحتى يحول قوله بـ ” الاستقلال الفلسفي ” من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل من ناحية ثانية ، وخصوصا أن ” الوجود بالفعل” ، أو قل ” فلسفة الفعل” ، قد استغرقت مساحة نظرية واسعة من تفكير ناصيف نصار ، للرابط الوثيق الذي يسهدها إلى استنهاض النهضة العربية الثانية .
ولهذا نجد أن من الأسماء الحركيّة التي أطلقها الفيلسوف ناصيف نصار على فلسفته أنّها فلسفة للسلطة. وهي تسمية تستمدّ مشروعيتها المباشرة من تخصيص هذا الفيلسوف لمؤلف بكامله حول موضوع يعتبره رئيسياً في فلسفته، وهو موضوع السلطة، والذي يحمل عنواناً له “منطق السلطة”، وهذه التسمية تستمدّ مشروعيتها من تلك الروح العملية السارية في فلسفة هذا الفيلسوف، كفلسفة سياسية عقلانية قوامها ردّ الاعتبار للعقل العملي السياسي، فهي فلسفة مرتكزها الأساسي، كما يقول صاحبها: “البحث عن استراتيجية العمل الميداني لدعم حركة العلمنة ودفعها إلى التحقق بكامل أبعادها” في العالم العربي، وذلك في إطار ما يسميه بالنهضة العربية الثانية. كما أنّه ردّ اعتبار يروم من خلاله ناصيف نصار أيضاً الانخراط، من خلال فلسفة جديدة للسلطة، في ذلك الجدال الفلسفي السياسي المحتدم اليوم حول دور الدين في السياسة، بعد تصاعد نفوذ الحركات الأصولية الدينية في مختلف مناطق العالم.
ومن منطلق هذين الدورين: العملي والنظري اللذين يوكلهما ناصيف نصار للفلسفة، فإنّنا نفترض في هذه الدراسة أنّ التنظير الفلسفي النصارى للدين والسلطة، تحكمه رؤية محددة للسلطة الدينية. رؤية تعتبر الدين نموذجاً يحتذى بالنسبة إلى كلّ سلطة تريد لنفسها أن تكون رديفة للاستبداد والهيمنة، مادامت “كلّ هيمنة أخرى، للعقل وللدولة أو لسواهما، تستلهم نموذج الهيمنة الدينية، وتضفي على نفسها صفات دينية كالإطلاقية والقدسيّة.” وواقع السلطة السياسية في العالم العربي أحسن شاهد على هذا. كما أنّها رؤية تعتبر أنّ كلّ إعادة بناء للسلطة، لتصبح حقاً في الأمر وواجباً في الطاعة، أي فضاء لممارسة عقلانية قوامها العدل و الحرية، تمرّ حتماً عبر تخليص السلطة الدينية من هذه الهيمنة. وهذا التخليص إنّما يجد تحققه في المجتمع العلماني، كمجتمع يأمل هذا الفيلسوف تحققه في العالم العربي.
وهذا التخليص للسلطة الدينية من هيمنتها يبقى في المنظور النصارى من مهام السلطة السياسية كسلطة رئيسية في المجتمع، يفترض أن يعاد بناؤها لتكون عنواناً لتحقيق العدل في ممارستها من جهة، وفي علاقتها بباقي السلط، وعلى رأسها السلطة الدينية، من جهة أخرى. وهكذا وبموجب هذه الفرضية فإنّنا سنقف في هذا البحث مع الفيلسوف ناصيف نصار عند مفهومه للسلطة، ولماهية كلّ من السلطتين السياسية والدينية. غايتنا في ذلك رصد تصوره للعلاقات الممكنة بين هاتين السلطتين، ولكيفية تحقيق ممارسة عادلة للسلطة في ظلّ المجتمع العلماني، ولآفاق هذه الممارسة في المجتمع العربي.
ولهذا يرى ناصيف نصار أن الإطار العام للتفاعل بين السلطة السياسية والسلطة الدينية يتأسس على مقولة الدنيوية، فالسلطة السياسية هي سلطة دنيوية محضة من حيث المصدر والغاية، بينما السلطة الدينية فهي متصلة بالغيب والإيمان هو شرط قيامها، واتصالها بالغيب ليس معناه عدم الاهتمام لأمور الدنيا وشؤونها، يقول ناصيف نصار:” اتصال السلطة الدينية بالغيب بحسب ما تطرح نفسها، لا يعني أنها لا تبالي بشؤون الدنيا، فالدنيا موجودة بالنسبة إلى السلطة الدينية واقعا وقيمة، إذ أنها ليست سلطة دينية إنسانيا في عالم الغيب، بل في هذه الدنيا، غير أن اهتمام السلطة الدينية بالدنيا لا يجعل منها سلطة دنيوية محضة، فالدنيا مقصودة ومدركة ومستخدمة عند السلطة الدينية من وجهة الغيب في سبيل الحياة الآخرة، والسعادة الأخروية أو في سبيل السير فيها وتسييرها بموجب إرادة عليا مطلقة. وليس هذا هو اتجاه السلطة السياسية، فالدنيا مقصودة ومدركة ومستخدمة عند السلطة السياسية من وجهة الإنسان الاجتماعي، في سبيل تشكيلها وتسيريها وفقا لإرادتها وأهدافها المنبثقة من طبيعة الوجود الاجتماعي، ولذلك فإن ناصيف نصار يؤكد أن الدولة الدينية واقعة في تناقضين بحسب طبيعتها، فإن كانت دينية بالمعني المطلق فهي دولة مفارقة للإنسان الطبيعي، فهي دولة اللا دولة، وإن كانت دولة المعني الممارس والمعروف اليوم بما هو كائن، فهي خدعة سياسية تقوم على التماهي مع الدين لأغراض استبدادية.
لذلك ينحو ناصيف نصار نحو العلاقة بين السلطتين المتمثلة بالاستقلال بالمعني الصحيح للكلمة، بحيث لا يكون هناك انغلاق ولا تجاهل، وإنما احترام وتفتح وانفصال ليس من طرف واحد، وإنما من الطرفين وفي ذلك يقول ناصيف نصار: ” يظهر بوضوح أن الاستقلال بين السلطة السياسية والسلطة الدينية يقتضي الاعتراف المتبادل بينهما بحق كل واحدة منهما بوجود منفصل عن وجود الأخرى .
تحميل كتاب ناصيف نصار وإشكالية فلسفة السلطة PDF رابط مباشر PDF